بعد أن استبدّ به الشوق لشقيقه، يخوض الأسير حاتم القواسمة معركة بأمعائه الخاوية ليجمع شمله بشقيقه الأسير حازم حيث يقضي كليهما محكومية عالية سرقت أحلى "سنين شبابهما".
دهم الحزن منزل العائلة مرتيْن لعاميْن متتاليْن، الأولى عندما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ابنهم "حازم" في عام 2002م وحكمت عليه بالسجن المؤبد، والثانية عندما اعتقل "حاتم" بعد عام من اعتقال الأول في إثر إصابته بالرصاص والحكم بسجنه 25 عامًا.
في المدة الزمنية للتحقيق مع حاتم وقبل صدور الحكم هدم منزل العائلة المكون من طابقين، فلم تعد الحياة كما كانت عليه أبدًا، إذ سيطر عليهم القلق على صحة حاتم الذي لا يزال يعاني الإهمال الطبي لإصابته، ورفض الاحتلال زيارة شقيقهم الأكبر "مازن" لهما منذ اعتقالهما.
يقول مازن: "أنا محرر ممنوع أمنياً من الزيارة؛ اعتقلت سابقًا ثلاث مرات لذلك لا يسمح الاحتلال لي أبدًا بزيارة أشقائي، يستبد بي الشوق للقاء حازم وحاتم لكن ما باليد حيلة، كل ما أستطيع فعله هو الاطمئنان عليهما من خلال مَنْ: يزورهما".
اقرأ ايضًا: الأسير حاتم القواسمة يواصل إضرابه لليوم الـ10
هزّات نفسية
في زحمة سنوات الاعتقال، فقدت العائلة الأم في عام 2012م، "كانت أحرص الناس على زيارة ابنيْها اللَّذين تأثرا كثيرًا بفقدانها، ثم فقدنا شقيقنا أسامة الذي توفي فجأة في أثناء وجوده بعمله في عام 2019م، تأثرنا جدًا بوفاتهما، لكن قلوبنا كانت مع حاتم وحازم اللَّذيْن بالطبع كانا الأكثر حزنًا على هذا الفقد الكبير".
وما هونّ على الشقيقيْن الأسيريْن مشقة السجن أنهما كانا سويًا في زنزانة واحدة يتقاسمان مرارة الاعتقال، لكن الاحتلال الإسرائيلي وضمن عقوباته التي فرضها على الأسرى مؤخرًا عمد لنقل حازم إلى سجن النقب، ليصبح كل واحد منهما في سجن منذ أربع سنوات خلت.
ومنذ 10 أيام علمت العائلة عبر مصادر حقوقية بقرار "حاتم" خوض إضراب مفتوح عن الطعام للضغط على إدارة سجون الاحتلال للم شمله بشقيقه "حازم" في زنزانة واحدة، وأنه لن يتراجع عن مطلبه مهما كانت العواقب.
نافذة أمل
ويثير هذا الإضراب قلق عبير التي أخذت على عاتقها منذ وفاة والدتهما تفقد شقيقيها في السجن بشكل دوري.
تقول: "الوضع الصحي مقلق، إذ أجرى عملية استئصال كلية في السجن، وفي آخر زيارة له، بدا متعبًا وشاحبًا".
وتضيف: "يحاول شقيقاي دائمًا ألا يشعرانا بالتعب والألم الذي يمران به، لكن هيأتهما توحي بما يعانيانه من قسوة السجان والإهمال الطبي، وهذا ما يجعلني حريصة على ألا أتخلف عن أي زيارة لهما بالرغم من مشقة المشوار".
اقرأ أيضًا: هيئة الأسرى: الاحتلال يواصل عزل الاسير حاتم القواسمي بظروف صعبة
وما يؤلم قلب عبير أنه منذ نقل شقيقها "حازم" إلى سجن ريمون تُحرم كثيرًا من تصريح الزيارة له، فمنذ سبعة أشهر لم تتمكن من الالتقاء به، بخلاف السابق عندما كانا في زنزانة واحدة فتلتقي بهما سويًا، "أما الآن فأنا مضطرة للخروج مرتيْن في الشهر لزيارة كل واحد منهما على حدا، والأسوأ أنني قد لا أحصل على التصريحيْن في كل مرة".
ولا يمكن لـ"عبير" أن تتخلف عن زيارة أي من شقيقيْها مهما كان حجم انشغالها، "نحن بالنسبة لهما النافذة للعالم الخارجي، فلا يكفّان عن السؤال عن كل الأهل والأقارب، والأصدقاء، عن أبنائنا وأحفادنا الذين لم يتسنَ لهما رؤيتهم مطلقًا، "فأنا -مثلًا- أصبحتُ جدة ولديّ أحفاد وأبنائي لا يستطيعون زيارة خاليْهما".
وتبين أن والدها بالرغم من كبر سنه ووضعه الصحي يصمم على مرافقتها لزيارة ابنيْه في كل مرة، "لا تفلح كل محاولاتي لإثنائه عن الزيارة بالرغم من إجرائه عملية في القلب مؤخرًا (...) يخبرني بأنه لا يستطيع أن يرتاح دون رؤيتهما".
وتبدي "عبير" قلقها البالغ على حياة شقيقها "حاتم" الذي يخوض إضرابًا عن الطعام، "حاتم نقل مؤخرًا أكثر من مرة إلى المستشفى، وضعه الصحي سيء، لكن ما بلغنا أنه مصمم على عدم وقف إضرابه عن الطعام حتى جمعه بشقيقنا حازم، ونخشى أن يتدهور وضعه الصحي".