يوماً بعد يوم، تزداد المخاوف من وقوع سيناريوهات الرعب والذعر التي تنتظر الإسرائيليين، مع تفاقم الأزمة الداخلية، وتصاعد موجات الترهيب وحملات التحريض والتسميم التي اجتاحت أوساطهم في الأشهر الأخيرة، وسط توقعات متشائمة من وصول الأزمة المستحكمة إلى مآلات متشائمة.
التخوف الإسرائيلي يتعلق بنشوء حالة من التضارب الواضح في المصالح، الداخلية والخارجية على حدّ سواء، ما سيجعل صناع القرار السياسي والعسكري غير قادرين على اتخاذ أي قرار يناسب دولة الاحتلال، بعيداً عن أي تعسّف متوقع.
مع العلم أن الدولة تبدو، وفق كل التقديرات، عشية نوع جديد من الانقلاب العسكري، ولكن من نمط غير معهود لم تعرفه من دول العالم "الحرّ"، وبالتأكيد ليس في العالم الثالث، مع ظهور جنرالات متقاعدين وكبار قادة في الاحتياط، باتوا يسيطرون على آلاف الجنود أكثر من قادتهم الحاليين، بحيث أنهم ينتظرون رأيهم وموقفهم من العودة إلى قواعدهم العسكرية، ولا سيما الطيارون، وجنود النخبة، ما يهدف لعرقلة أي قرار، أو وقف التشريع، أو تعطيل أي إجراء يعرّض هيمنتهم للخطر.
اقرأ أيضًا: الاتفاق الائتلافي الإسرائيلي يعبِّد الطريق لانفجار الأوضاع الفلسطينية
اقرأ أيضًا: الأزمة الإسرائيلية الداخلية.. بوصفها صراعًا على المكسب الاستعماري
أكثر من ذلك، فإن الأحداث الجارية في دولة الاحتلال تشير بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك نخبة تسيطر على هيئات إعلامية كبرى، وتنسيق ذلك مع الرأسماليين في الاقتصاد الذين سيسيطرون على السياسيين معاً، بحيث سيعملون جميعاً في حالة من التزامن، وبطرق مختلفة، وغير متوازنة بالضرورة، من أجل التأثير على الرأي العام، وهم يبذلون في سبيل تحقيق هذا الهدف قصارى جهدهم، ويعملون بمهنية كبيرة، لهندسة الوعي الإسرائيلي، وتشويه سمعة الشخصيات العامة، والقادة الذين يجرؤون على انتقاد الحكومة، وإبداء رأي معارض للانقلاب القانوني الجاري، أو أخذ زمام المبادرة لتوسيع رقعة الاحتجاجات.
من المظاهر اللافتة في تطورات الانقلاب الداخلي الإسرائيلي أن أربابه ومروّجيه والساعين لتحقيقه لا يترددون في مساعدة المسئولين السياسيين المدانين بارتكاب جرائم الفساد والرشوة، بما يساهمون في تشويه صورة الدولة في جميع أنحاء العالم، وتعزيز المصالح الشخصية التي لا تتوافق بالضرورة مع مصلحتها، وبذلك فهم يتفوقون في اجتهاداتهم على حركات المقاطعة ونزع الشرعية حول العالم.
الكثير من الشواهد الإسرائيلية الجديدة عرفتها الأشهر الماضية عبر إضافة المزيد من النخب الصناعية والرأسمالية المحتشدة جميعها ضد الانقلاب، مستعينة بذلك مع نظيراتها من الخارج التي عملت على تعرية الدولة، واعتبارها تسير في منحدر بدون قاع، في ضوء التحذيرات المتصاعدة من تدهور تصنيفها الائتماني، وتدهور اقتصادها، وهجرة رؤوس أموالها، ومغادرة أدمغتها العلمية والتقنية إلى الخارج.