فلسطين أون لاين

أثمان إسرائيلية مترتبة على طريق الانقلاب القانوني

للأسبوع الثاني والثلاثين على التوالي، يخرج عشرات آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع؛ احتجاجًا على الانقلاب القضائي الذي تنفذه حكومة اليمين، وسط اعتباره تهديدًا وجوديًّا لدولة الاحتلال، ما يبرّر الفعاليات التي تبدو غير تقليدية، بدءًا من الممارسات البرلمانية تحت قبة الكنيست، إلى استمرار وقف التطوع للخدمة الاحتياطية، ولا سيما بعد إنجاز الائتلاف الحكومي للتصويت الأخير على بند المعقولية، ما اعتبره انتصارًا.

وفي الوقت الذي يقضي فيه الكنيست إجازته الصيفية تحضيرًا للدورة الشتوية في أكتوبر، يتجهز الإسرائيليون لاتخاذ المزيد من الخطوات الاحتجاجية، وقناعاتهم تزداد مع مرور الوقت أن ما سيتخذه الائتلاف في الأسابيع المقبلة يشكل تهديدًا وجوديًّا ليس فقط لهوية وجوهر الدولة، ولكن لبقائها ووجودها من وجهة نظر أمنية عسكرية واقتصادية واجتماعية وسياسية. 

في زحمة الاحتجاجات الجماهيرية تزداد المخاوف الإسرائيلية من حالة تفكك الجيش، وتصدّع تماسكه الداخلي، وتدهور روحه القتالية، فضلًا عما يواجهه اقتصاد الاحتلال من التلاشي، والخسارة التدريجية للدعم والتأييد الإستراتيجي الأمريكي والغربي، وكل ذلك من شأنه أن يمنح الاحتلال مكانة دولة متطرفة وجذامية تقترب أكثر فأكثر من الدول المنبوذة، ما يعني أنها في الطريق لمواجهة مستقبل أسود، باعتراف الإسرائيليين أنفسهم.

اقرأ أيضا: هل تنجح الخطة "ب" بتشكيل حكومة إسرائيلية موسعة؟

التقدير الإسرائيلي أنه في مواجهة هذا المستقبل والتهديد، فإن المعركة من أجل صورة وشخصية الدولة هي البداية فقط، بجانب صياغة إستراتيجية لوقف التحركات الحكومية والبرلمانية الساعية نحو تدمير المشروع الصهيوني، وفق ما تعلنه المعارضة الإسرائيلية ذاتها، ما يستدعي استبدال أو إلغاء إجراءات الحكومة، وزيادة المعسكر المناوئ لها، داخليًّا وخارجيًّا.

غالبية التوقعات الإسرائيلية تذهب باتجاه تسخير القطاعات الاقتصادية، وتوسيع احتجاجها، وانضمام المزيد من النقابات المهنية، وضم نقابات المحامين والتقنيين والأطباء، وصولًا إلى الهستدروت وأرباب العمل، ورؤساء الاقتصاد وقطاع الأعمال، والسلطات المحلية، رغم ما يعنيه ذلك من تراجع قيمة الشيكل، وتذبذب مؤشرات الأسهم، والعجز في ميزانية الدولة، وتعثّر النمو، وتراجع الاستثمارات، وتصدّع التصنيف الائتماني.

في الوقت ذاته، فإن الاحتجاجات ستطال المزيد من جنود الاحتياط، رغم مخاطرها الأمنية على الاحتلال، لكنها أداة أساسية لتوضيح خطورة التغيير الأحادي الجاري في الدولة، نظرًا لما أحدثه من تمزيقها إلى قسمين، ورفض الحكومة في التجاوب لأي حل وسط، وعدم التحرك للوصول لاتفاق واسع.

فضلًا عن كل ما تقدم، فإن الثمن السياسي الأمني الذي ستدفعه الدولة يتمثل في الانشغال عن تنامي المقاومة الفلسطينية، وتقدم إيران النووية، وتعثر جهود التطبيع مع السعودية، واكتساب حزب الله مزيدًا من الثقة والجرأة، وكل ذلك يعني باختصار أن هذا الانقلاب القانوني سيصل حتماً للإضرار بأمن دولة الاحتلال.