فلسطين أون لاين

من وراء السجون.. قصة المقدسي إبراهيم حلبية وصراعه مع المرض

...
الأسير إبراهيم حلبية.jpg
غزة/ هدى الدلو:

خلف القضبان الحديدية عالم يعج بالقصص والمعاناة الإنسانية، تتسلل قصة الأسير إبراهيم محمد حلبية من بينها، كرمز للإرادة والصمود. يواجه تحديات صحية جسيمة منذ استئصال جزء من كبده بسبب تكيس جرثومي غُذّي بالإهمال الطبي المعتمد.

من قلب بلدته أبو ديس شرق مدينة القدس المحتلة، اعتقل حلبية (47 عامًا) للمرة الأولى حين كان في طليعة شبابه بالسابعة عشرة من عمره، قضى حينها سبع سنوات متواصلة، وفي عام 2004 اعتقل مجددًا وحكم بالمؤبد.

يقول شقيقه عبد السلام: إن إبراهيم منذ الاعتقال الأول عانى أوجاعًا وأمراضًا ظهرت عليه بعد التحقيق الذي أجري معه لمدة طويلة في مركز تحقيق المسكوبية، وفي الاعتقال الثاني بدأت الأعراض تظهر عليه بشكل أكثر وضوحًا دلل عليها الفحوصات الطبية التي أجريت للتعرف على وظائف الكبد.

ويوضح أن إبراهيم قضى في التحقيق 80 يومًا في مساحة ضيقة يكون فيها الأكل والنوم وقضاء الحاجة وهو ما يدلل على البيئة غير النظيفة التي تسمح بانتشار الجراثيم في تلك الأقبية.

وبعد صدور الحكم بالسجن المؤبد، ماطلت إدارة سجون الاحتلال لسنوات وأهملت شكوى إبراهيم من أوجاع حادة في البطن، وتبين أنها ناتجة عن تكوين أكياس جرثومية بأحجام مختلفة على الكبد، تسببت له بضغط على الجهة اليمنى واليسرى للبطن واستفراغ وعدم القدرة على تناول الطعام.

حضور رغم الألم

وبين عبدالسلام أن إدارة سجون الاحتلال قررت في عام 2014 إجراء فحوصات طبية أظهرت تآكل جزء كبير من الكبد، ما استدعى إخضاعه لعملية جراحية استغرقت ست ساعات تخللها فتح البطن بجرح يفوق طوله الأربعين سنتيمتر بما يعادل أربعين قطبة طبية، ومن ثم نقل إلى عيادة سجن الرملة مباشرةً على عكس تعليمات الطبيب التي نصت على بقائه في مشفى سوروكا إلى حين اختفاء كل الأعراض الجانبية للعملية.

ويبين أن الأطباء استأصلوا 75% من الكبد حتى لا تمتد الجراثيم لأجزاء أخرى في البطن، ويحتاج إبراهيم بين فترة والأخرى إلى متابعة ومراجعة طبية، وفي زيارة له للمستشفى قبل شهر تبين أن هناك شكوك بعودة تكون الأكياس فوق الكبد الذي تم بناؤه.

ويحاول الأسير إبراهيم أن يقوى على أوجاعه لكونه من الأسرى النشطين في سجون الاحتلال، إذ يعمل ممثلًا عن الأسرى ويهتم بشؤونهم أمام إدارة السجن، ويشغل نفسه في متابعة كل صغيرة وكبيرة داخل الأسر، لافتًا إلى أن شقيقه متابع لكل ما يجري من أحداث سياسية خاصة في أبو ديس.

ويقول: "لإبراهيم شخصية قيادية، لديه قدرة على احتواء الناس والتأقلم مع كل الظروف، ورغم صعوبة الأحداث التي مر بها إلا أنه تجاوزها. فقد توفي والدانا في أثناء اعتقاله، وعند أسره لم يكن قد مر على زواجه ستة أشهر، وبعد حكمه بالمؤبد انفصل عن زوجته لكي تعيش حياتها"، مشيرًا إلى أن الأسر لم يثنِ شقيقه عن مواصلة نضاله، إذ وجد نفسه وسط أروقة السجن يتحدى الظروف ويسعى لنيل حقوقه وحقوق زملائه الأسرى. 

ويبين أن اعتقال الأول قد قطع على إبراهيم طريق استكمال دراسته بعد اجتيازه الثانوية العامة، الفرع الصناعي لتعلم حرفة النجارة، فاضطر لاستكمال دراسته في الأسر، وفي اعتقاله الثاني التحق بجامعة القدس المفتوحة وحصل على شهادة بكالوريوس في تخصص الجغرافيا والعلوم التنموية.

أما شقيقه عمر فيحرص وأشقائه الآخرين على الالتزام بزيارة إبراهيم في الأسر، قائلًا: "ترك بعد اعتقاله فراغًا في حياتنا اليومية، والأمل يحدونا برؤيته بيننا وقد فك قيده، ننظر من نافذة الأمل بأن يصبح بيننا". 

ويتابع حديثه: "أبناؤنا يسمعون قصصًا رائعة عن إبراهيم، ولم يره أحد منهم قط ومع ذلك يسألون، متى سنرى عمي إبراهيم، حتى الأصدقاء والجيران يسألون دائمًا ويطلبون توصيل سلامهم إليه".

يأمل عمر أن يصل صوت شقيقه وكل الأسرى المرضى الذين يواجهون سياسة القتل البطيء إلى أحرار العالم، "فهم يتعالون على جراحهم رغم ما يظهرونه منه قوة وعنفوان في سجنهم".