ما زال جيش الاحتلال «الإسرائيلي» الأكثر تأثرًا بمشروع نتنياهو الدَّاعي لتخفيض سُلطات «محكمة العدل العُليا» في (إسرائيل). حيث يسود القلق أوساطًا واسعة منه، خصوصًا أفراد ومنتسبي وضبَّاط سلاح الجوِّ، حيث يخشون من تبعات تخفيض سُلطة القضاء عليهم، ما يتركهم أمام ملاحقة المحاكم الدوليَّة كمحكمة (لاهاي) في حال تمَّ رفع الدعاوى عليهم من الفلسطينيين (سُلطةً ومؤسَّساتٍ وأفرادًا)، وتوجيه دعاوى ضدَّهم بارتكاب المجازر ضدَّ الفلسطينيين بما في ذلك قصف المدنيين والأماكن السَّكنيَّة كما وقع في الجولات المُتتالية من الحروب التي شُنَّت على قِطاع غزَّة على سبيل المثال لا الحصر.
القلق، في جيش الاحتلال، دفع أيضًا نَحْوَ توليد ظاهرة احتجاجات قوَّات الاحتياط ضدَّ إضعاف القضاء، بادِّعاء عدم تزويد معلومات لأعداء (إسرائيل)، إلى جانب التخوُّف من مسٍّ أشدَّ بمعنويَّات الوحدات، وفي محاولة لعدم توسيع الشرخ مع المستوى السِّياسي، حيث تبعات هذه الأزمة باتت مرئيَّة مع تزايد عناصر الاحتياط الذين يتوقفون عن التطوُّع للخدمة العسكريَّة في مختلف صنوف «الجيش الإسرائيلي».
ووفق ما أوردناه أعلاه، واستنادًا للمعلومات والمعطيات المنشورة على صفحات المطبوعات «الإسرائيليَّة» مؤخرًا، وعلى موقع (عرب 48)، تؤكِّد أنَّ «سلاح الجوِّ باتَ يواجِه مصاعب في الحصول على توقيع عناصر الطواقم الجوِّيَّة، في الرتب المتوسِّطة، لتمديد الخدمة». حيث «التوتُّرات الداخليَّة»، بَيْنَ عناصر الاحتياط والضبَّاط في الخدمة الدَّائمة الذين يؤيِّدون الخطَّة القضائيَّة، «تتصاعد وتبرز بشكلٍ خاصٍّ بَيْنَ المنظومة التقنيَّة والطواقم الجوِّيَّة».
اقرأ أيضا: المتظاهرون الإسرائيليون يستهدفون (الدولة) ذاتها وليس الحكومة
وعلى سبيل الذِّكر، إنَّ منظومة التصنيف والإرشاد في سلاح الجوِّ «الإسرائيلي»، المُتعلِّقة بقدر كبير بعناصر الاحتياط القدامى، تضرَّرت بشدَّة فور المصادقة النهائيَّة على قانون إلغاء «ذريعة عدم المعقوليَّة» الذي تمَّت المصادقة على إلغائه في 24 تموز/يوليو 2023. ومن شأن ذلك أن يؤثِّرَ وفق التقديرات «الإسرائيليَّة» على نوعيَّة «أمن الطيران في السنوات المقبلة بسبب تراجع التأهيل الذي حصل عليه الطيَّارون ومساعدوهم الجُدد في الأشْهُر المقبلة.
إنَّ تلك الاعتمالات، داخل جيش الاحتلال، تُخفِّض قدرات الوحدات وقيادات العمليَّات العسكريَّة في الجيش «الإسرائيلي» وفق تصريحات العديد من جنرالاته، رغم محاولات رئيس الأركان الجنرال (هرتسل هليفي)، ووزير الحرب/أو الأمن الجنرال (يواف جالانت) تهدئة الأمور، وإطلاق التصريحات العنتريَّة ضدَّ الفلسطينيين المقاومين للاحتلال، وضدَّ لبنان، من نمط تصريحات الجنرال (يواف جالانت) الأخيرة مع الاحتكاكات جنوب لبنان وعلى التماس مع فلسطين المحتلَّة، بأنَّ «الجيش الإسرائيلي سيُعِيد لبنان إلى العصر الحجري عِند اندلاع أيِّ مواجهة».
إنَّ رئيس الحكومة الائتلافيَّة وصاحب مشروع تخفيض سُلطات المحكمة العُليا، بنيامين نتنياهو، يتمادَى في سلوكه الفجِّ ضدَّ العديد من جنرالات الجيش. فالتوتُّر بَيْنَ نتنياهو ووزرائه من جهة، وعددٍ لا بأس به من جنرالات الجيش من جانبٍ آخر، أمْرٌ ملحوظ في أيِّ اجتماع بَيْنَهم، متوعِّدًا بأنَّه يشمُّ رائحة «انقلاب عسكري» يُعِدُّ له البعض، بمعنى أنَّ نتنياهو يوجِّه تهديدات واضحة ضدَّ مَن يرفض مشروع تخفيض سُلطة القضاء من داخل الجيش على مستوياته العُليا، طالبًا من الجميع بشكلٍ أو بآخر الخضوع والخنوع والقَبول بمشروعه.