فلسطين أون لاين

​أمضى 13 سنة في سجون الاحتلال

كل شيء تغير على المحرر أبو شباب إلا "الحب"

...
الأسير المحرر أحمد أبو شباب مع والده
رفح - ربيع أبو نقيرة

كانت فترة غيابه القسري التي امتدت لثلاث عشرة سنة، كفيلة بتغيير كل شيء حوله، إلا شيئًا واحدًا تسلل إلى قلبه قبل اعتقاله بعشرة أيام فقط.

خرج الأسير أحمد عطية أبو شباب من سجون الاحتلال الإسرائيلي في الحادي عشر من الشهر الماضي، محررًا، بعد اعتقال استمر 13 سنة عاشها متنقلًا بين السجون.

واعتقلت قوات الاحتلال التي كانت متمركزة على حاجز أبو هولي جنوبي قطاع غزة، المحرر أبو شباب بتاريخ 12 سبتمبر/ أيلول 2004، وحكم عليه بالسجن بتهمة مقاومة الاحتلال والانتماء لحركة فتح.

أبو شباب وجد عند خروجه من معبر بيت حانون "إيرز" شمالاً، لحظة تحرره، حتى وصل إلى مسقط رأسه في محافظة رفح، جنوبًا، كل شيء قد تغير، الشوارع والمرافق والأسواق والبيوت والمزارع وجوانب الطريق.

وتجول بعد أيام قلائل من تحرره في محافظة رفح التي عاش فيها وترعرع، فوجد معالمها قد تغيرت، ووجد مسجدها المركزي مسجد العودة الذي زف فيه معظم شهداء رفح، هدم وتم البدء بإعماره.

كما أن منزله الواقع في حي النصر شمال شرق رفح، تغيرت معالمه، وأضيفت إليه تفاصيل جديدة.

"الحب" هو الشيء الوحيد الذي لم يتغير بالنسبة لأحمد، وظل يرافقه طيلة فترة اعتقاله، ووجده أمامه بعد تحرره كما هو؛ بل ازداد أضعافا مضاعفة مع إصرار خطيبته ياسمين أبو شباب على التمسك به رغم سنوات الأسر وضياع العمر.

صحيفة "فلسطين" تحدثت إلى المحرر أحمد وخطيبته ياسمين التي عقد قرانه عليها قبل الاعتقال بعشرة أيام فقط، فوجدتهما يواصلان التخطيط لمراسم حفل زفافهما وحياتهما الزوجية.

تخطيطٌ بدأ في أثناء الزيارات المتقطعة التي حظيت بها ياسمين لخطيبها في سجون الاحتلال، والتي قطعها المنع والحرمان لأكثر من ثماني سنوات.

أبو شباب والذي يبلغ من العمر (38 عامًا) وأوشك على إقفال عقده الرابع، تراه العيون وكأنه شاب في العشرينيات من العمر، سألناه عن سر ذلك، فأجاب إنه "الحب".

وأوضح أنه حرم من زيارة والدته التي تسكن مصر، وحرم من زيارة والده الذي يسكن في الإمارات، وإن حضر إلى غزة فهو لا يستطيع الزيارة لأنه لا يحمل هوية فلسطينية، مشيرًا إلى أن خطيبته وحدها من كانت تزوره.

ولفت أبو شباب إلى أنه كان يبحث معها المشاريع المستقبلية بعد الحرية، وترتيبات حفل الزواج والحياة الزوجية وكيف سيكون شكلها، قائلاً: "جميع الزيارات كانت من وراء الزجاج وعبر سماعات الهاتف، ولم يسمح الاحتلال لنا بالمصافحة أو الحديث وجهًا لوجه".

وتابع: "بعد الحكم علي بالسجن، قررت عدم تعليق خطيبتي بي وسجنها معي طيلة تلك الفترة، وعرضت عليها أمر الانفصال لترى حياتها، لكنها رفضت ذلك بشدة، ورفضت مناقشة الأمر".

أما ياسمين (27 عامًا)، قالت في حديثها لصحيفة "فلسطين": "آنذاك وقد وقعت في حبه ووقع في حبي بمجرد عقد قرانه عليّ، اتخذت قرارًا بأن أصبر معه وأكون بجانبه، وألا أتركه أبدًا حتى لو طالت مدة الغياب".

وتابعت: "وجدت فيه المواصفات التي أريدها، فهو إنسان طيب وخلوق"، مضيفة: "كما أنني أعشقه لأنه مقاوم، وليس من الممكن التخلي عنه كونه مقاومًا للاحتلال".

وأعربت أبو شباب عن سعادتها البالغة والكبيرة بعودته إلى منزله محررًا بعد سنوات من العذاب والأسر في سجون الاحتلال، قائلة: "ها قد التقيت به من جديد، لنكمل رسم أحلامنا وحياتنا ومستقبلنا".

وفي السياق، قال والده (75 عامًا): "كنت أتمنى رؤيته حتى لو في أحلامي، ولا يمكن لي أن أصف لك حنين الأب لابنه"، متمنيًا أن يعود الأسرى في سجون الاحتلال محررين إلى أحبابهم وذويهم.