فلسطين أون لاين

الأبارتهايد لا يظهر بالوجه القبيح لسموتريتش فقط

 

لا يقتصر ظهور الأبارتهايد الإسرائيلي على الوجه القبيح ممثلا بسموتريتش الذي أعلن في خطوة سافرة، هذا الأسبوع، تجميد هبات الموازنة للسلطات المحلية العربية، ما لم يتوانَ أيضا عن وقف الميزانيات التي تخدم "أسرلة التعليم" في القدس الشرقية، بعد فترة وجيزة من إعلانه اقتطاع 117 مليون شيكل من الميزانية المخصصة للعرب لصالح طلاب المدارس الدينية الحريدية، ولا على الوجه الأقبح ممثلا بزميله اللدود إيتمار بن غفير، الذي سمح لأعضاء كنيست من اليمين بزيارة الإرهابيين اليهود المعتقلين بتهمة قتل الفتى الفلسطيني، قصي معطان في برقة، مقابل منع أعضاء كنيست عرب من زيارة المعتقلين الفلسطينيين في نفس القضية.

هذا الأبارتهايد يبرز جليا في الوجه المجمل للقضاء الإسرائيلي، ممثلا بمحكمة الاحتلال في القدس المحتلة التي قررت إطلاق سراح المستوطنين قتلة الشهيد قصي معطان الذي قتل برصاص المستوطنين بدم بارد، في حين أبقت على اعتقال الفلسطينيين من برقة الذين دافعوا عن أرضهم وممتلكاتهم في وجه الاعتداء الاستيطاني.

بالتزامن، وبينما كانت شفاعمرو تزف ابنها رامي شحادة الذي حكم عليه بالسجن لمدة سنة كاملة لمشاركته في "هبة الكرامة" التي وصلت أحكام بعض المشاركين العرب فيها لمدة عشر سنوات، ألغت محكمة الصلح في الرملة هذا الأسبوع لائحة اتهام ضد مستوطن من مستوطنة "عاليه" في الضفة الغربية، كان قد قام بإلقاء الحجارة خلال قيامه بحراسة شقة كان قد أخلاها ساكنوها في "النواة التوراتية" في اللد، أي أنه قدم إلى اللد للمشاركة في الاعتداء على العرب، كما جاء في لائحة الاتهام.

شفاعمرو كانت قد أحيت، أيضا، بالتزامن مع اعتداء المستوطنين على بلدة برقة وقتل الشهيد قصي المعطان، يوم الجمعة الماضي، الذكرى الـ18 لاستشهاد أربعة من أبنائها قتلوا بدم بارد في عملية إرهابية نفذها المستوطن ناتان زاده في حافلة ركاب بقلب المدينة، ومَأثرة القضاء الإسرائيلي في هذا السياق تكمن في الأحكام القاسية التي فرضها على سبعة من أبناء المدينة الثكلى بعد اتهامهم بقتل الإرهابي المذكور!

هذا القضاء الذي يطالبوننا بالخروج للتظاهر دفاعا عنه بصفته أحد معاقل الديمقراطية الإسرائيلية، هو القضاء الذي يرفض الإفراج عن الأسير وليد دقة بعد 37 عاما من السجن رغم إصابته بالسرطان وإقرار العليا الإسرائيلية بأن أيامه معدودة، وهو ذاته القضاء الذي لم يجد حاجة لأن يجلس بتسلئيل سموتريتش في السجن رغم إلقاء القبض عليه برفقة خمسة آخرين مع 700 كلغم من المواد المشتعلة، كانوا ينوون إلقاءها في شارع أيالون عام 2005.

وهو القضاء الذي لم يجد أي ضرورة بأن يجلس إيتمار بن غفير يوما واحدا في السجن رغم تقديم 53 لائحة اتهام و8 إدانات ضده خلال نشاطه "السياسي"، بالمقابل وجد أن على الشيخ رائد صلاح، على سبيل المثال، أن يمكث في الأسر بضع سنوات في عدة قضايا خلال نشاطه السياسي، بينها سنة كاملة دفعها ثمنا للبصق على شرطي.

هي أمثلة حاضرة لا تشير إلى ازدواجية معايير فقط، بل إلى تطبيق مختلف للقانون على العرب وعلى اليهود، ليس فقط في الأراضي المحتلة عام 67 بل على امتداد فلسطين التاريخية، وإلى قوانين أبارتهايد مشرعة مثل قانون "العودة" وقانون الجنسية وقانون استملاك الأراضي التي جاء "قانون القومية" الأخير تتويجا لها.

وفي سياق إجابته عن التساؤل الذي يطرحه: أبارتهايد نعم أم لا؟ يرسم الصحافي غدعون ليفي، سيناريو لحالة معاكسة يكون فيها الفلسطيني هو المتهم، ليصل إلى نتيجة مفادها أن كل أجهزة القضاء والشرطة والجيش والسياسيين والإعلام في (إسرائيل) ملوثة حتى العفن، وأن هناك تمييزا بنيويا مؤسسا ويضرب عميقا، بين دم ودم وبين عرق وآخر وبين اليهود والعرب وكل مؤسساتها مصابة بالتمييز حتى العفن، وعندما نقول ذلك نقول: أبارتهايد.

المصدر / عرب48