بصورة غير مفاجئة، أعلن وزير مالية الاحتلال المتطرف بيتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية، تجميد نحو ملياري شيكل، قرابة 550 مليون دولار، مخصصة لمشاريع تطويرية في مدينة القدس المحتلة، والأحياء الفلسطينية داخل الخط الأخضر، جزء منها مخصص لبناء مدارس وفصول دراسية في الأحياء والبلدات الفلسطينية في الداخل المحتل، التي تحتاج قرابة ثلاثمائة مدرسة على عجالة.
فضلًا عن ذلك، هناك مائتا مليون شيكل، قرابة 55 مليون دولار، من الأموال المجمدة مخصصة لتنفيذ مشاريع، وحلّ مشكلات، وتغطية ديون مترتبة على السلطات المحلية العربية داخل الخط الأخضر، واستيعاب أكاديميين فلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية.
عدم المفاجأة من القرار الإسرائيلي التعسفي يأتي انطلاقًا من انسجامه مع السياسة الرسمية التي أعلنتها حكومة اليمين الفاشي الحالية تجاه فلسطينيي الـ48، واقتصار تعاملها معهم على تشغيل الشرطة وقوات الأمن وتكثيف جمع المعلومات الاستخباراتية عنهم، باعتبارهم "طابورًا خامسًا" داخل دولة الاحتلال، رغم استمرار الفجوات الواسعة بين الخدمات البلدية الفلسطينية والإسرائيلية.
اقرأ أيضًا: الاقتصاد الإسرائيلي يدفع ثمن عناد نتنياهو
اقرأ أيضًا: هذا الانقسام في (إسرائيل)
لا يقتصر التعسف الإسرائيلي بحق فلسطينيي الـ48 على قرار سموتريتش الحالي، بل إن الأمر يعود إلى مستوى البنية التحتية المهترئ في بلداتنا الفلسطينية في الداخل المحتل، واتساع الفجوات العميقة بين الخدمات البلدية التي يتلقونها مع تلك المقدمة للمحتلين اليهود، فضلًا عن عدم الفحص الكافي لاحتياجاتهم الحيوية، بما في ذلك قضايا الرفاهية والشبابية والثقافية والفنية، مع عدم تجاهل البعد السياسي الوطني.
أكثر من ذلك، فإن القرار الأخطر الذي اتخذته الحكومة الحالية بشأن تشكيل "الحرس الوطني"، جاءت استكمالًا لاستعادة الحكم العسكري ضد فلسطينيي الـ48، فضلًا عن تعزيز عمل جهاز الأمن العام- الشاباك، بزعم محاربة الجريمة، وما شمله ذلك من مضاعفة القوات الأمنية المحتلة بين صفوفهم، رغم أن تعزيز هذه القوات الأمنية ليس من شأنها أن تؤدي إلى حلّ حقيقي لظاهرة الجريمة، لأن الاحتلال ذاته متورط فيها، وهو ما لا يتسع المجال لذكر شواهده في هذه العجالة.
يصعب على المرء قراءة هذه التوجهات والقرارات السياسية والأمنية التي يتخذها الاحتلال بمعزل عن نظرته العنصرية تجاه فلسطينيي الـ48، وتزايد تقديراته بشأن انخراطهم في المزيد من الأعمال الوطنية، حتى لو جاءت بلباس مدني سلمي، باعتبارهم نقطة الضعف لدولة الاحتلال، كما حصل في هبة الكرامة في مايو 2021، وقبلها في هبة أكتوبر 2000، ومن قبلهما في مارس 1976، حين بدأ التأريخ ليوم الأرض.