من يتابع الإعلام العبري، وتصريحات قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، يشعر أن جبهة الشمال مع لبنان ساخنة، وأنها مرشحة للانفجار. هذه الصورة الإعلامية لا تؤيدها وقائع الميدان، حيث لم تحدث أعمال كبيرة ذات صفة دراماتيكية في هذه الجبهة، لا سيما من جنود حزب الله، وفي الوقت نفسه تواصل دولة الاحتلال هجماتها الخاطفة داخل سوريا.
تصريحات قادة الاحتلال تستخدم تهديدات خطيرة ومخيفة ومنها قولهم : (إعادة لبنان للعصر الحجري إذا ماحدثت معركة مع حزب الله) لماذا هذه النبرة العالية جدا من التهديدات؟! هل يقصد قادة الاحتلال الحصول على ردع من خلال بثّ الخوف والرعب، ودفع الحكومة اللبنانية للتدخل المسبق ولجم تصرفات حزب الله المحتملة؟!
ما نقوله في هذه المسألة إن دولة الاحتلال لا تستطيع تحويل لبنان للعصر الحجري وتدمير كل شيء في لبنان، وأسباب عدم الاستطاعة هذه لا علاقة له بالقدرات العسكرية التدميرية، ولكن له علاقة بالوضع المدني في لبنان، وله علاقة بالوضع الدولي والعربي، وهو أمر لا يمكن لمن يهددون بالتدمير الشامل القفز عنه.
اقرأ أيضًا: حماس.. جهود لإنقاذ عين الحلوة
اقرأ أيضًا: تخوف إسرائيلي من نتائج مفاجئة على جبهة الشمال
هذا ومن المعلوم أن عدوانًا تدميريًّا شاملا في لبنان سيربك ساحات أخرى لها علاقة بلبنان، وقد تتحرك هذه الساحات للدفاع عن لبنان، ونصرة المقاتلين اللبنانيين. ومن هنا نرجح أن نبرة التهديدات العالية ترجع لرغبة دولة الاحتلال للحصول على جبهة هادئة ومنضبطة بقوة الخوف والردع، وهو طريق سهل ومفضل لقادة الاحتلال لتحقيق أهدافهم في هذه الجبهة.
إعلام الاحتلال هو الجهة التي يستقى منها الإعلام الآخر سخونة جبهة الشمال، وقرب تدهور الأوضاع، ولا نجد في الساحة اللبنانية ما يقول بهذه السخونة وقرب الانفجار، والحدود الشمالية على حالها منذ سنوات، وخيمة حزب الله لا تُمثل اختراقا كبيرا لحالة الحدود. ودولة الاحتلال هي التي تبادر بالهجوم في سوريا. لذا يجدر بالمعنيين البحث عن أهداف العدو في تأزيم ساحة الشمال، وتسخين الجبهة، من خلال بث الرعب والخوف، وتحريض الأطراف اللبنانية بعضها على بعض.