لا تتوقف محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحكوماتها المتعاقبة يومًا عن محاولاتها سلب الأراضي الفلسطينية وخاصة القرى البدوية غير المعترف بها، وتهجير سكانها وضمها إلى المستوطنات وإقامة أخرى جديدة، فتلجأ بين الفينة والأخرى لتشكيل لجان ومؤسسات تسعى من خلالها لإجبار سكان القرى على الرحيل عن منازلهم وأراضيهم.
وكان آخر تلك المحاولات، مصادقة ما يسمى بـ"اللجنة الوزارية لشؤون المجتمع البدوي" أول من أمس، على تغيير السياسة الإسرائيلية الرامية لتسوية أوضاع القرى مسلوبة الاعتراف في النقب عبر دفع أهاليها لإخلائها طوعًا مقابل توفير قسائم أرض للبناء وفقًا لبيان صدر عن اللجنة.
وينص القرار على "توفير قسيمة أرض واحدة فقط" ضمن المفاوضات الرامية لتسوية مسألة القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، ومنح قسيمة أرض واحدة للأسر "متعددة الزوجات" بزعم محاربة هذه الظاهرة المنتشرة في النقب.
ويطال القرار الإسرائيلي نحو 35 قرية غير معترف فيها من قبل سلطات الاحتلال، يقطنها 160 ألف نسمة، يقيمون على ساحة تقدر ب 180 ألف دونم، وتفتقر هذه القرى إلى بنية تحتية، كما وتعاني من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية للأهالي.
اقرأ أيضًا: القرى "مسلوبة الاعتراف".. نكبةٌ مستمرة لفلسطينيي الداخل
ورغم ذلك يصر سكانها على البقاء فيها، والصمود في وجه مخططات سلطات الاحتلال التي تسعى إلى ترحيلهم منها بشتى الوسائل لصالح مخططات تهويدية.
مخططات عنصرية
وأكد عضو اللجنة المحلية للدفاع عن العراقيب، عزيز الطوري، أن محاولات سلطات الاحتلال لتهجير سكان القرى غير المعترف بها والبالغ عددها نحو 35 قرية، لا تتوقف.
وقال الطوري، لصحيفة "فلسطين": إن عملية تهجير بدو النقب، والسيطرة على أراضيهم تتم بشكل يومي من قبل سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين عبر هدم منازلهم وحرمانهم من البناء ومنعهم من الرعي ومصادرة أغنامهم ومواشيهم واعتقالهم، بذريعة تواجدهم غير الشرعي.
وأضاف: أن سلطات الاحتلال وفي ظل حكومة يمينية متطرفة تسارع الخطى من أجل تهجيرهم وهدم القرى الفلسطينية غير المعترف بها لصالح إقامة المخططات الاستيطانية على حساب سكان الأرض الأصليين.
وذكر أن سلطات الاحتلال تتبع أسلوبًا ممنهجًا من أجل ترحيل أهالي النقب، عبر تهجيرهم من قراهم إلى مناطق أخرى وهدم منازلهم، واعتقال بعضهم ومنعهم من البناء، وحرمانهم من الحصول على الخدمات الأساسية، إلى جانب محاربة تعدد الزوجات.
وبين أن سلطات الاحتلال لا يكتفي بالتضييق على الأهالي معيشيا، وعدم الاعتراف بتلك القرى، فتقوم بين الفينة والأخرى بتدمير المحاصيل الزراعية عبر تجريف الأراضي الزراعية ومنع الأهالي من التنقل ورعي أغنامهم.
اقرأ أيضًا: القرى "مسلوبة الاعتراف".. نكبةٌ مستمرة لفلسطينيي الداخل
وجدد الطوري، التأكيد على صمود سكان النقب المحتل في أراضيهم وقراهم وعدم قبولهم مخططات ومشاريع سلطات الاحتلال العنصرية الهادفة بالدرجة الأولى لسلب أراضيهم والاستيلاء عليها لأغراض إقامة مشاريعه ومخططاته العنصرية ووضعهم في "كانتونات" لسهولة السيطرة عليهم والتحكم بهم.
ورأى أن هدم المنازل بدأ يأخذ منحى تصاعدي خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يجعل الحياة شبه مستحيلة، مردفًا: "لكن أهالي هذه القرى يواصلون الإصرار على البقاء فيها ورفض مخططات الاحتلال تهويدها".
حلول إسرائيلية
بينما قال رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب المحتل عطية الأعسم: إن سلطات الاحتلال منذ عشرات السنوات شكلت العديد من اللجان والدوائر من أجل سلب الأراضي ومصادرتها وتهجير أهلها كسلطة أراضي ما يسمى بـ(إسرائيل) سلطة توطين البدو، ولجنة التخطيط العليا.
وأضاف الأعسم، لصحيفة "فلسطين": أن سلطات الاحتلال تحاول طرح حلول على مقاسها لالتهام الأراضي الفلسطينية، وتركيز أكبر عدد ممكن من بدو النقب في أقل مساحة ممكنة ليسهل الوصول إليهم والسيطرة عليهم.
اقرأ أيضًا: شيخ العراقيب: سنفشل مخططات الاحتلال لتهجير المواطنين في النقب
وأكد أن مصادقة اللجنة الوزارية لشؤون "المجتمع البدوي" على تغيير السياسة الإسرائيلية الرامية لتسوية أوضاع القرى مسلوبة الاعتراف عبر دفع أهلها لإخلائها طوعًا، مرفوض جملة وتفصيلًا من قبل أهلنا بالنقب.
وبين رئيس المجلس الإقليمي، أن حكومات الاحتلال المتعاقبة تستخدم أسلوب العصا والجزرة من أجل سلب الأراضي الفلسطينية وتهجير سكانها، عبر منحهم بعض الحوافز والمكافآت والتي لا أساس لها وسرعان ما يتم التنكر لهم، واستخدام أسلوب التخويف والترهيب من أجل دفع أهلنا للرحيل عن أرضهم.
وذكر الأعسم أن أهلنا في القرى غير المعترف بها، على علم ودراية بمخططات ونوايا الاحتلال ومساعي العنصرية الرامية لتهجيرهم منها، مبينًا أن الأهالي رغم أوضاعهم الصعبة والسيئة التي يعانونها وحرمانهم من أبسط حقوقهم يرفضون الرحيل عن أرضهم.
واعتبر أن المهلة التي حددتها سلطات الاحتلال لإخلاء القرى البدوية جزءًا من سياستها العنصرية الرامية لإخلاء القرى البدوية وتضييق الخناق على أهلها بهدف إفساح المجال لتوسيع المستوطنات وتنفيذ مشاريع أخرى، مردفًا: لكنها ستفشل ولن يكتب لها النجاح، مدللا على ذلك فشل مؤسسات الاحتلال وأجهزته طوال السنوات الماضية بتهجير القرى غير المعترف بها.