تواجه 46 قرية فلسطينية في الداخل المحتل تداعيات سلب سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاعتراف بها، منذ أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948م وحتى اليوم، ما فاقم معاناة أهلها الفلسطينيين.
ولم تكتفِ سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسلب الاعتراف بهذه القرى فحسب، بل تمارس ضدها سياسات عنصرية ممنهجة طيلة تلك الأعوام، وذلك ضمن محاولاتها الرامية لتهجير سكانها قسرًا، بهدف إقامة مستوطنات وإحلال المستوطنين فيها.
والقرى مسلوبة الاعتراف موجودة في منطقة النقب بالداخل المحتل قبل عام 1948، ولكن غير موجودة على خارطة دولة الاحتلال، حسبما يقول رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب عطية الأعسم.
ويوضح الأعسم لصحيفة "فلسطين"، أنه منذ أحداث النكبة رُحّل هؤلاء السكان الفلسطينيون البدو من منطقة غربي وشمالي النقب إلى منطقة "السياج" الواقع في مركز النقب، مشيرًا إلى أنّ ما يُسمى الحاكم العسكري الإسرائيلي آنذاك وضعهم في تلك القرى ورفض الاعتراف بها.
ويعني "عدم الاعتراف" كما يذكر الأعسم، أنّ دولة الاحتلال لا تقدم لها أيّ خدمات تطوير للبنى التحتية والكهرباء وتمنع البناء فيها، لافتًا إلى أنّ الاحتلال اعترف بـ 11 قرية، "لكن ليس اعترافًا كاملًا، إذ أنه يقدم لها خدمة التعليم فقط دون الخدمات الأخرى".
ويفيد بأنه يقطن حوالي 80 ألف فلسطيني من البدو في الـ35 قرية التي ينفي الاحتلال وجودها، منبهًا إلى أنّ (إسرائيل) لا تزال ترفض الاعتراف بها بالرغم من أنها دولة احتلال والقانون يُلزمها بتقديم الخدمات لهذه القرى.
ويبيّن أنّ استمرار "عدم الاعتراف" بهذه القرى يعني أنّ هناك مخططًا ممنهجًا من الاحتلال بالضغط على أهالي هذه القرى لترحيلهم وتجميعهم في مناطق أخرى.
وبحسب قوله فإنّ أهالي هذه القرى يعيشون أوضاعًا اقتصادية ومعيشية صعبة، إذ أنّ 70% منهم تحت خط الفقر، لافتًا إلى أنهم يعملون في مهن مختلفة أبرزها تربية المواشي، ويتقاضون أجورًا متدنية.
ويوضح الأعسم أنّ الاحتلال يمارس ضد هذه القرى سياسات الهدم والترحيل وملاحقة الأهالي والمواشي في المراعي.
وعن مستقبل هذه القرى يتوقّع الأعسم تهجير مجموعات كبيرة من المواطنين بالقوّة، مشيرًا إلى أنّ هناك 7 قرى صدر بحقها أوامر الهدم.
اقرأ أيضًا: الآلاف من طلاب القرى مسلوبة الاعتراف بالنَّقب بدون سفريات
ويذكر الأعسم أنّ الاحتلال يعمل على إنشاء مشاريع عامة فوق هذه القرى من أجل التنغيص على الأهالي وإجبارهم على تركها، مضيفًا "لكنّ السكان يقاومون الاحتلال ومخططاته بالصمود والصبر ورفض الرحيل مهما كلّف الثمن".
وهذا ما يذهب إليه الناشط في النقب المحتل سالم الوقيلي، الذي يؤكد أنّ هذه القرى تعاني التهميش الواضح من سلطات الاحتلال، فهي خالية من كل الخدمات سواء الصحية أو الطرق أو المياه.
ويرى الوقيلي في حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أنّ ممارسات الاحتلال تندرج في إطار الضغط على الفلسطينيين لترك قراهم وجعلهم يعيشون في مساحة ضيقة.
ويوضح أنّ القانون الإسرائيلي يزعم أنّ هذه البيوت "غير قانونية" لذلك يصدر آلاف أوامر الهدم ضدها سنويًّا، منبهًا إلى أنّ الاحتلال هدم 3600 منزل في النقب في عام 2022 الماضي.
ويفيد الوقيلي بأنّ الاحتلال يمارس بحقّ هذه القرى الكثير من المضايقات مثل حراثة المحاصيل والتهجير وتحريش الأراضي بهدف الاستيلاء عليها عبر قوانين عنصرية مخطط لها مسبقًا.
ويصف الواقع المعيشي لأهالي هذه القرى بـ"المتردي" إذ إنهم يحاولون العيش ضمن الإمكانيات القليلة المتوفرة لديهم، متوقعًا إقدام الاحتلال على المزيد من عمليات الهدم والتهجير، إذ وزّع في الآونة الأخيرة أكثر من ألفي إخطار هدم.
ويؤكد الوقيلي أنّ وتيرة المضايقات ضد أهالي هذه القرى والداخل عمومًا، ازدادت منذ تولي حكومة المستوطنين الفاشية بقيادة بنيامين نتنياهو سدّة الحكم، إذ أنها تسعى لإقامة مستوطنات في النقب.
ويدعو المؤسسات الدولية للضغط على الاحتلال والكشف عن وجهه الحقيقي أمام العالم أجمع، مشددًا على أنّ "الحل الوحيد لمجابهة الاحتلال هو الثبات على الأرض والصمود".