بدأ إيتمار بن غفير ولايته الوزارية لما تمسى وزارة الأمن القومي باقتحام سجن نفحة، وكانت أوّل قراراته تقييد المعتقلين في استحمامهم، ثم إغلاق المخابز التي يخبزون فيها خبزهم، ثم إلغاء مجانية علاج أسنانهم، وكأن العلاج كان جيّدًا في الأصل، ثم أخيرًا إلغاء الإفراج المبكّر، وحبل إمعانه في إجراءاته القاسية ما زال على جرار حقده، لا ندري إلى أين يصل؟
بالتأكيد أسرانا لن يقفوا مكتوفي الأيدي، بل لهم خطواتهم النضالية وفق قواعد اشتباك وخبرات نضالية متراكمة لن يتخلّوا عنها أبدًا، هو لا يدرك أو لا يريد أن يدرك أن أسرانا هم أسرى حريّة، وأنهم ليسوا سجناء على قضايا جنائية، بل هم أصحاب قضية، وأن قرار نضالهم الذي أدى بهم إلى السجن كان قناعة جازمة، واعتقادًا راسخًا، وهم من الرجال الذين لا ينكسرون لمثل هذا التطرّف الجنوني، وهم في تاريخ نضالاتهم في السجون قد تعرّضوا لكثير من السياسات المتطرفة، والأكثر عنجهية من هذا، ومع هذا أثبتوا ذاتهم، وخرجوا دائمًا مرفوعي الرأس بكرامة عالية، وسجّلوا كثيرًا من الانتصارات من خلال إضراباتهم المفتوحة عن الطعام، وأثبت شعبهم كذلك بأنه لا يتخلّى عن أسراه، ويقف معهم مساندًا ومنتفضًا، ولا يألو جهدًا إلا ويسخره في نصرة أسراه.
اقرأ أيضًا: الأسرى وبن غفير.. الصلابة في مواجهة البهتان
اقرأ أيضًا: الأسرى هم بؤبؤ عين الشعب الفلسطيني
أسرانا يقفون موحّدين في خندق واحد، وهذا ما لا يدركه هذا المأفون، وهم أيضًا من القضايا التي يتوحّد عليها شعبهم، لذلك وجدنا مثلًا في ما سمّي انتفاضة الأسرى عام 2000 أن هبّ الشارع الفلسطيني هبّة واحدة، وتدحرجت الأمور، ما أدى إلى تصعيد المقاومة، ومسارعة الجهات الأمنية الإسرائيلية للضغط على المستوى السياسي لاتخاذ إجراءات تستجيب لمطالب الأسرى، وشهدنا أيضًا عندما عقد الأسرى العزم على الإضراب المفتوح بشكل موحّد مع بداية رمضان السابق، وقد ارتعبت الحكومة الإسرائيلية من توقيت الإضراب، فقاموا بمفاوضة الأسرى باستثناء بن غفير، وتوصلوا إلى حل استجابوا فيه لأغلب المطالب قبل أن يبدأ الإضراب.
المشكلة أن هذا القادم من فتية التلال، لم يستوعب، ولن يستوعب عقلية الدولة، وأنّ لعبة الدولة تختلف عن لعبة العصابة، رغم أننا ندرك تمامًا أن دولتهم ما هي إلا عصابة، ولكن الموضوع نسبي، وهو بهذه العقلية سيجرّ ساحة السجون ومن خلفها الساحة الفلسطينيّة إلى ما لا يحمد عقباه.