الاستيطان يستشري في الضفة الغربية بعد أن أطبق على مدينة القدس وما حولها. ثمة خطط للتوسع الاستيطاني المتدرج في الضفة الغربية لتحجيم الوجود الفلسطيني ومنع تمدد الفلسطينيين على الأرض ولو بدافع الزيادة السكانية المعتادة. خطط الاستيطان المتواصل تحظى بتخطيط حكومي، وتوجيه وزراء وجمعيات مجتمع مدني صهيوني، ويتقدم المتدينون والصهيونيون عمليات التنفيذ، والبدء بالإنشاء ومواجهة ردود الأفعال الأولى. لا أملك إحصاءً دقيقًا للمستوطنات القائمة ولا للبؤر الاستيطانية قيد الإنشاء، ولكن أملك قراءة في مخططات الاستيطان التي تستهدف حصر الفلسطينيين في المدن والقرى القائمة، ودفع أكبر قدر من السكان الفلسطينيين للهجرة خارج الضفة الغربية.
كل ذلك يجري تحت سمع وعين السلطة الفلسطينية التي يناط بها فلسطينيًا مواجهة التمدد الاستيطاني بإجراءات عملية مانعة، ولكن للأسف لا توجد خطط فلسطينية تقوم عليها قيادة السلطة لمواجهة الاستيطان وتداعياته، وجلّ عمل السلطة يقوم على الصراخ الإعلامي المتكرر الذي بات باهت التأثير في المجتمع الفلسطيني والمجتمع الدولي.
نعم، إذا كان للاستيطان خطط وعمل قابلة للتنفيذ، فما هي خطط السلطة؟ وما عملها لمواجهة التنفيذ بشكل عملي قابل للتنفيذ؟ وإذا لم تكن ثمة خطط فلسطينية، فمن باب أولى القول إنه لا خطط عربية لمواجهة الاستيطان، فقد ثبت أن قادة العرب لهم مشاركة في الشجب والاستنكار، ولكن ليست لهم خطط أو مشاركة عملية لمنع الاستيطان.
اقرأ أيضًا: تزايد الدعوات الإسرائيلية للسيطرة على الضفة الغربية
اقرأ أيضًا: الصّراع في (إسرائيل) على وجه المشروع الاستعماريّ الاستيطانيّ
خطط دولة الاحتلال تتقدم تقدمًا مضطردًا نحو التطبيع مع الدول العربية، وهم ينتظرون التطبيع مع المملكة السعودية، وقد يصلون لما يريدون لا سمح الله في فترة قريبة كما يريد بايدن والبيت الأبيض. حين عقدت منظمة التحرير اتفاق أوسلو لم تشترط وقف الاستيطان، وحين طبعت الدول العربية القديمة والجديدة لم تشترط أيضا وقف الاستيطان، فكيف للسلطة ولهؤلاء أن يحققوا نجاحًا في وقف الاستيطان، وهم من تغافلوا عنه عندما كانت بيدهم أوراق قوية لفرض شرط الإيقاف على دولة الاحتلال؟
كانت الانتفاضتان الأولى والثانية عائقًا عمليًا وشعبيًا أمام الاستيطان وتمدداته على أراضي الضفة، والآن تقوم المقاومة بالواجب الذي قامت به الانتفاضة الشعبية، ولكن المقاومة في الضفة لا تحظى بتأييد سلطة الحكم الذاتي وأجهزتها الأمنية، وإن قمع المقاومة يهيئ البيئة في الضفة لتمدد الاستيطان، ولو استفادت السلطة من ورقة المقاومة بذكاء لما استشرى الاستيطان في الضفة على هذا النحو.
ما أريد قوله إن لدولة الاحتلال خططًا طموحة للتوسع الاستيطاني، ولا يوجد لدى الفلسطينيين والقادة العرب خطط لمواجهة الاستيطان ومنع تمدده، وحين تقوم المقاومة ببعض واجب المواجهة تعاقبها السلطة، وكذا النظام العربي، وعليه نقول: متى يبلغ البنيان يومًا تمامه إن كانت يد الشعب تبني، ويد السلطة وأجهزتها تهدم؟!