حالة من الفرح والسرور تسود الشارع الفلسطيني بانطلاق جهود المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني البغيض؛ هذا الانقسام الذي مرت عليه عشرة أعوام أثر بشكل كبير على قضيتنا الفلسطينية وعلى التواصل الخارجي والمستوى الدولي، وألقى بظلاله وتأثيراته على الأوضاع الداخلية الحياتية لأبناء شعبنا الفلسطيني.
لقد حملت سنوات الانقسام الكثير من التحديات والعقبات الجسام أمام شعبنا، وشكلت عثرة في المضي قدمًا في مشروع تحرير أرضنا المحتلة، والمضي في معركتنا المصيرية مع الاحتلال الصهيوني الذي يواصل جرائمه بحق الإنسان والأرض الفلسطينية.
وتمر القضية الفلسطينية بأصعب الظروف وهي في مرحلة دقيقة مليئة بالعواصف والهواجس المتلاطمة، والعالم بأسره يترقب إنهاء الانقسام واندمال هذا الجرح النازف، وتنفيذ خطوات توحيد المؤسسات الفلسطينية والمضي في إنهاء كل القضايا الأخرى من أجل تضميد جراحاتنا التي أدملت الجسد الفلسطيني المكلوم وأنهكته.
تعيش فلسطين بعد أيام الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم الذي منح اليهود الصهاينة أرض فلسطين لتكون لهم وطنا، ومنذ أن حصل اليهود على هذا الوعد المشؤوم من وزير خارجية بريطانيا آنذاك (آرثر بلفور) والصهاينة يواصلون ارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني؛ ولقد أسس الصهاينة على أرضنا مصانع للسلاح ومؤسسات وجامعات ومدارس ومطارات والأسلحة النووية حيث يمتلك الكيان المئات من الرؤوس النووية ويقومون باستيراد الغواصات النووية باستمرار من ألمانيا وغيرها أمام الدعم الأمريكي للكيان فهو بلا حدود حيث يواصل الكيان الصهيوني تطوير قدراته العسكرية بهدف الحفاظ على كيانه والحفاظ على أمنه على أرض فلسطين.
اليوم يحيا الفلسطينيون مرحلة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية التي تراجعت في درجات الاهتمام العربي والإسلامي خاصة بعد ثورات الربيع العربية، والتغيرات الجسام التي حصلت في وطننا العربي الذي يحيا الهموم والآلام والصراعات الدامية في بعض الأقطار فضلًا عن التدخل الأجنبي الخارجي الذي ينفذ مخططات التقسيم والتفتيت لوطننا العربي؛ هذه التغيرات الكبيرة في وطننا العربي ألقت بتأثيراته على القضية الفلسطينية ومستوى الدعم والمساندة؛ لذا فإن السبيل الوحدة لعودة قضيتنا الفلسطينية على رأس الأولويات لدى الأمة العربية الإسلامية هو التوحد خلف برنامج وطني واحد وكلمة واحدة وشراكة في كل البرامج والوسائل النضالية.
الفلسطينيون اليوم بحاجة ماسة للتكاتف والتوحد ونبذ الخلافات والمضي قدمًا في خطوات إنهاء سنوات الانقسام البغيض؛ ومن ثم التفرغ لمعركتنا الأساسية مع الاحتلال الصهيوني ومواجهة مخططات التهويد والسرطان الاستيطان، حيث احتفل الصهاينة قبل أيام بالذكرى الخميس لاحتلال الضفة الغربية، وأطلق الصهاينة على الاحتفال مسمى (اليوبيل الذهبي لتحرير (يهودا والسامرة والغور والجولان) وقد جرت مراسم الاحتفال في تجمع مستوطنات (جوش عتصيون) بحضور مجالس المستوطنات وعدد كبير من القيادات السياسية والعسكرية الصهيونية وتعهد رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) أمام الحاضرين بمواصلة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها الشق الشرقي من القدس وتعهد بعدم تفكيك أية مستوطنة أو بؤرة استيطانية، وأعلن (نتنياهو) عن نية الحكومة الصهيونية بناء (3000) وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية في الأيام القادمة، وفي الوقت نفسه أعلن رئيس حزب البيت اليهود ووزير التربية الصهيوني (نفتالي بينت) أن الوقت قد حان لضم المناطق المصنفة في اتفاقية (أوسلو) (سي) في الضفة الغربية إلى دولة الكيان.
إن رسائل رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) تؤكد أنه ماضٍ في مشاريع بناء البؤر الاستيطانية ولا يوجد حل سياسي في الأفق في ظل مواصلة البناء الاستيطاني؛ أما الوعود الأمريكية بدولة فلسطينية فهي وعود كاذبة وخداعة في ظل التعنت (الإسرائيلي) ومواصلة جرائم سرقة وتهويد الأرض الفلسطينية، وبذلك يجب على الفلسطينيين السير قدمًا في خطوات المصالحة والتوحد من أجل مواجهة المخططات الصهيونية والوقوف في وجه هذه الجرائم التي تهدد مشروع التحرير وبناء دولتنا الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني.