لم تمضِ سوى ساعات قليلة على إعدام الطفل محمد الزعارير في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، عندما اتصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بوالده لتخبره بأن جثمان نجله البالغ (15 عامًا) محتجز لديها؛ إذ إنها لم تكتفِ بإعدامه، بل إنها صادرت جثمانه.
لقد تكرر هذا المشهد كثيرًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وراح ضحيته أطفال وفتية وشبان أبرياء أعدمهم جنود الاحتلال بدمٍ بارد.
وبينما ادعت قوات الاحتلال أن الزعارير حاول تنفيذ عملية طعن، نفت العائلة بشدة هذه الادعاءات، مؤكدة أن جنود الاحتلال أعدموا ابنهم محمد بدمٍ بارد دون أن يشكل أي خطر.
والشهيد الزعارير من سكان بلدة السموع جنوبي الخليل، وكان قد أنهى دراسة الصف التاسع بتفوق في مدرسة ذكور البخاري الأساسية.
اقرأ أيضًا: "حماس" تنعى الشهيد "الزعارير" وتؤكد أن ردَّ الثوار على استباحة الدماء لن يطول
وقال فريد الزعارير والد الشهيد: إن إعدام محمد واحتجاز جثمانه جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والمبررات التي يروجها الاحتلال مرفوضة تمامًا.
وأضاف الزعارير لصحيفة "فلسطين"، أن مخابرات الاحتلال اتصلت به وأخبرته أنها أطلقت الرصاص على محمد ما أدى إلى استشهاده، وأنها تحتجز جثمانه.
ووصف هذا التصرف بأنه "تبجح يمارسه الاحتلال"، متسائلاً: "كيف يطلق جنود الاحتلال الرصاص على إنسان في هذا العمر؟" في إشارة إلى طفله محمد.
وفي أكثر من مشهد، اعتاد جنود الاحتلال على إعدام أطفال وشبان فلسطينيين في أنحاء متفرقة من القدس والضفة الغربية المحتلتيْن من مسافة صفر، بزعم محاولة تنفيذ عمليات فدائية، لكن ثبت في أكثر من حالة عدم تشكيل الضحايا أي خطر على جنود الاحتلال.
من بين هؤلاء الزميلة الصحفية غفران وراسنة، حيث أعدمها جنود الاحتلال عند مدخل مخيم العروب شمالي الخليل، بذريعة محاولة طعن أحدهم، في يونيو/ حزيران 2022.
اقرأ أيضًا: "أبو قطيش": استهداف إسرائيلي متصاعد بحق الأطفال الفلسطينيين
وفي مشهد آخر، ارتكب جنود الاحتلال جريمة إعدام أخرى راح ضحيتها الشاب المصاب بالتوحد إياد الحلاق بمدينة القدس في مايو/ أيار 2020.
وكانت الجريمة ذات الصدى الأكبر، إعدام قوات خاصة إسرائيلية الصحفية في قناة "الجزيرة" شيرين أبو عاقلة خلال تغطيتها اقتحام مدينة جنين، في مايو/ أيار 2022، وأثارت الجريمة ردود فعل محلية ودولية واسعة.
أما عن والد الشهيد الزعارير، فهو لم يتوقع للحظة إعدام نجله بدم بارد، إذ إنه اعتاد على الخروج إلى عدة أماكن في بلدة السموع خلال الإجازة الصيفية التي تنتهي بعد أقل من شهر من الآن، متوجهًا إلى متنزه البلدة أو ملعب كرة القدم فيها؛ بحثًا عن الترفيه مع أصدقائه.
وأضاف: أن جنود الاحتلال أطلقوا النار على نجله عندما كان يسير في أحد الشوارع العامة على بعد قرابة كيلومتر واحد من مدخل بلدة السموع، بعيدًا عن نقاط تواجد القوات الإسرائيلية والمستوطنين.
اقرأ أيضًا: أطفال فلسطين يتصدَّرون قائمة الاستهداف الإسرائيلي
وأدان والد الشهيد جريمة إعدام نجله محمد بشدة، مؤكدًا أن العائلة لن تتنازل عن حقها في ملاحقة جنود الاحتلال منفذي جريمة الإعدام، وهي بصدد متابعة الأمر مع متخصصين قانونيين وحقوقيين محليًّا ودوليًّا ضد سلوك الإجرام الإسرائيلي.
واستدرك: أن أيادي جنود الاحتلال ملطخة بدماء المواطنين، وقد وصلوا مرحلة استهداف الحجر والشجر بعد إعطائهم الضوء الأخضر من حكومة الاحتلال.
وبعد استشهاد محمد استدعت مخابرات الاحتلال والده فريد وشقيقه شوقي للتحقيق معهما حول الشهيد والأشخاص الذين كان يرافقهم، والأماكن التي يزورها باستمرار.
أما عن جثمان الشهيد، فالعائلة لا تعرف عنها شيئًا بعدما احتجزها جنود الاحتلال حتى إشعار آخر، قد يمتد أيامًا أو أسابيع أو أشهرًا كما حصل مع شهداء آخرين لا زالت جثامينهم محتجزة لدى الاحتلال منذ سنوات.