ما تزال الأزمة الإسرائيلية الأمريكية في ذروتها، ولما تصل إلى نهايتها بعد، طالما أن نتنياهو في تل أبيب ماضٍ في انقلابه، وبايدن مصرّ على رفضه، بالرغم مما يبذله هرتسوغ من جهود في واشنطن لرأب الصدع بينهما، ومحاولة تطويق قطيعَتهما المتصاعدة.
مع العلم أن الخطاب الذي ألقاه هرتسوغ في الكونغرس يعتبر من أبرز فعالياته السياسية الطويلة، لكونه لم يحظ أي رئيس إسرائيلي بهذه المكانة من قبل باستثناء والده حاييم هرتسوغ قبل أكثر من ثلاثة عقود، في محاولة لا يبدو أنها ناجحة لتسويق انقلاب نتنياهو القضائي.
صحيح أن خطابه أمام المشرّعين الأمريكيين الذين يعتبرون الداعم الأساسي في الولايات المتحدة جاء بمناسبة مرور 75 عامًا على تأسيس دولة الاحتلال، وشهد تعبيرًا كبيرًا عن التعاطف معها، مما خفّف من حدّة الأزمة الحادّة على خلفية الانقلاب القانوني، بتطرّق خطابه إلى الجذور العميقة لعلاقتهما التاريخية، بالرغم من استحضاره للخلافات الثنائية التي يمكن القفز عنها بفعل المصالح الوجودية لكل منهما.
اقرأ أيضًا: علاقات مريبة بين اليمين الإسرائيلي واليمين الأوروبي!
اقرأ أيضًا: اليمين الإسرائيلي يستعرض خياراته الفلسطينية المتعثرة
بدا لافتًا وقوف أعضاء الكونغرس وأقطاب السياسة الأمريكية 26 مرة للتصفيق على ما ورد في خطاب هرتسوغ، مما يجعل من خطابه هذا الحدث الأكثر أهمية في مسيرته السياسية الطويلة، ولعله يختلف قليلًا عن الخطابات التي ألقاها حتى الآن في منظمات مختلفة داخل دولة الاحتلال وخارجها، سواء حين كان عضوًا في الكنيست، أو قيادته لحزب العمل.
كبيرة هي الجهود التي يسعى هرتسوغ لبذلها في واشنطن لتهدئة العاصفة المتجهة نحو تل أبيب، ربما يمكن القول إنه نجح في خطواته التصالحية هذه مع أعضاء الكونغرس، مما وجد أصداءه الإيجابية، مؤقتًا، لدى نتنياهو وحكومته، دون تعميم هذا النجاح على الرئيس جو بايدن وأقطاب إدارته.
لقد تزامنت زيارة هرتسوغ مع المقال الشهير للصحفي المخضرم توماس فريدمان الذي لم يتردد في الكتابة صراحة أن بايدن "يعارض الانقلاب أحادي الجانب، وتغيير النظام السياسي والقانوني دون إجماع واسع بين الإسرائيليين".
بعد صدور التشكيكات الإسرائيلية بمصداقية هذا الكلام، وعدم تعبيره عن البيت الأبيض، فقد أكد المسؤولون الأمريكيون بعد ساعات أن كلام فريدمان كان صحيحًا، بل إن الكلمات التي قالها بايدن لنتنياهو كانت أكثر صعوبة مما كتبه فريدمان.
الخلاصة الإسرائيلية أن وصول هرتسوغ إلى البيت الأبيض، ولقائه مع بايدن، وخطابِه في الكونغرس، لم يكن كفيلًا بطيّ صفحة هذه المواجهة الصعبة، لكن الزيارة بحد ذاتها مثَّلت اختبارًا آخر للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، صحيح أن ضيف البيت الأبيض في واشنطن حظي بتصفيق كبير، لكن نتنياهو الذي سيحلّ في سبتمبر ضيفًا على الأمم المتحدة في نيويورك سيحظى بهجوم كبير رفضًا لانقلابه القانوني، دون التأكد من لقائه مع سيد البيت الأبيض.