فلسطين أون لاين

تقرير ما بين عزل وإهمال وهدم.. الهموم تحاصر الأسير حسام مطر

...
زوجة ونجل الأسير حسام مطر
القدس المحتلة- غزة/ هدى الدلو:

يومًا تلو الآخر تزداد مخاوف وهواجس عائلة الأسير حسام مطر بأن يكون ضحية مقصلة الأحياء في سجون الاحتلال الإسرائيلي كعشرات الأسرى الذين قضوا بفعل سياسة الموت البطيء.

فالمقدسي مطر (40 عامًا) من جبل المكبر في القدس المحتلة، يعاني من وضع صحي صعب جدًا، 

يشكو مجموعة من الأمراض دون تقييم طبيب حقيقي يستكشف بواطن المرض ويخفف عنه.

بدأت حكاية مطر مع الأسر في ليلة دامسة الظلمة يوم 9 أكتوبر 2007 عندما داهم الجيش منزله واعتقل في الساعة الثانية فجرًا أمام أبنائه الصغار. 

تقول زوجته أم صقر: "عندما اعتقل لم يكن يشكو من أي وجع أو مرض، ولكن بعد مرور ثلاث سنوات فقط على اعتقاله بدأت تظهر عليه العديد من المشاكل الصحية، وزادت حالته سوءًا بفعل إهماله وعدم عرضه على أي طبيب مختص، وعدم تلقيه للعلاج المناسب، بالإضافة إلى المماطلة في عمل التحاليل والفحوصات الطبية اللازمة".

اقرأ أيضًا: هيئة الأسرى: عزل نفحة تجاوز سجن غوانتانامو سوءاً

ويشتكي مطر من انزلاق غضروفي بين الفقرات الأولى والخامسة، والتي تضغط على العصب مما يؤثر على قدمه اليمنى، وأوجاع بالرقبة لا يعرف سببها، كما يعاني من آلام مزمنة في المفاصل وخاصة الركب، ودوالي بالقدم اليمنى وقد انتقل للقدم اليسرى.

وتلفت إلى أن أنه أجرى أول فحص طبي للدوالي في 27 يونيو الماضي، "أي بعد 13 عامًا من الأوجاع، وأخبره الطبيب بأن الأوعية الداخلية والخارجية قد ترهلت ولا يمكن إجراء عملية وطلب منه استخدام مشدات طبية".

ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إذ يعاني "أبو صقر" من اضطرابات في دقات القلب ومرض ارتفاع ضغط الدم، وتشويش في الرؤية يحدث له بشكل مفاجئ، إلى جانب أوجاع الشقيقة، ومن دوخة وضيق في التنفس وفقدان التوازن أحيانًا، إلى جانب أنه مصاب بدهون الدم الكوليسترول، واحتباس السوائل، وفق زوجته.

وتقول إن صحة زوجها تتراجع یومًا بعد یوم وسط إهمال طبي مدروس ومتعمد، بهدف قتله بشكل بطيء وتعذيبه جسديًا ونفسيًا.

ومن خلال زياراتها له لاحظت "أم صقر" تساقط شعر حسام من رأسه وجسمه ولحيته، بسبب مرض جلدي لم يعرف، وأرجعت ذلك لظروف الأسر الصعبة والسيئة وبيئتها غير النظيفة، وتواجده في العزل منذ 10 أشهر.

اقرأ أيضًا: تقرير الأسرى المرضى.. أوضاع مأساوية وحياة على حافة الهاوية

تلك الظروف التي يعيش فيها مطر دفعة في آخر زيارة لإخبار زوجته بوصيته، تقول: "طلبني مني ألا يحتجز جثمانه داخل مقبرة الأرقام، وأن يدفن في القدس ويصلى عليه في المسجد الأقصى"، متمنيًا أن تشمله صفقة تبادل أسرى سواء كان على قيد الحياة أو ميتًا.

ظروف اعتقالية سيئة

نجله صقر (18 عامًا) ألهته حالة والده وظروف اعتقاله الصعبة عن التركيز في دراسته وتقديم امتحانات الثانوية العامة.

يقول: "كنت في بداية العامة مجتهدًا ومتابعًا لدروسي، ولكن معاناة والدي التي تزداد سوءًا يومًا تلو الآخر جعلتني مشتتًا وغير مركز في دراستي حتى في وقت تقديم الامتحانات".

ويستثمر صقر وشقيقه نصرالله الذي يصغره بعامين صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لأجل الحديث عن قضية والدهم وفصول معاناته، كما يتواصلان بشكل مباشر مع محاميه الخاص لمعرفة وضعه الصحي.

ويلفت صقر إلى أن اعتقال والده حرمه وشقيقه طفولتهما فلم يسمح لهما باحتضانه واكتفيا بمشاهدته عبر حائط زجاجي يفصل بينهم.

ويضيف أن والده تعرض لتحقيق قاسٍ لمدة 50 يومًا في مركز تحقيق المسكوبية، قبل أن تصدر بحقه محاكم الاحتلال بالسجن المؤبد مدى الحياة، حيث وجهت له العديد من التهم منها: الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، وخطف مستوطن وقتله، والمشاركة في عمليات للمقاومة ضد قوات الاحتلال.

اقرأ أيضًأ: لقاء حواري بعنوان "750 معتقلًا فلسطينيًا ضحايا الإهمال الطبي"

وشارك مطر في عدة إضرابات جماعية، وخاض بمفرده إضرابًا مفتوحًا عن الطعام في عام 2013، استمر مدة 90 يومًا للمطالبة بعدة حقوق ومطالب من بينها توفير العلاج الصحي المناسب لحالته، وبعد الموافقة على بعضها أخلّت إدارة سجون الاحتلال ببنود الاتفاق وفرضت عليه عقوبات كالعزل، وعدم استقراره في سجن، وخلال عشرة أشهر نقل من سجن ريمون ثم إلى نفحة وعسقلان ثم بئر السبع.

بالإضافة لحالته الصحية المتردية تكالبت الهموم على الأسير مطر بدءًا من وفاة والده وحرمانه من وداعه عام 2021، وهدم منزله مطلع العام الجاري لتصبح عائلته مشردة دون مأوى، وتخبر زوجته أنها زارته بعد تلك الأحداث وكانت حالته النفسية صعبة لم تستطِع وصفها.

وبالعودة إلى زوجته "أم صقر"، تقول: "إن الأسر والحكم العالي الذي يقضيه قصة، والعزل قصة أخرى، ووفاة والده وعدم تمكنه من وداعه، وظروف الهدم والتشرد، وعدم وجود وسيلة تواصل للاطمئنان علينا إلا من خلال الزيارة أو محامٍ لأتمكن من دعمه أو الوقوف بجانبه".