تعيش دولة الاحتلال "الإسرائيلي" منذ سنواتٍ ليست بالقليلة، هاجس القلق الديمغرافي نتيجة النُّمو الطبيعي للسكان الفلسطينيين أصحاب الوطن الأصليين، على أرض فلسطين التاريخيَّة، وحتى في أوساط لاجئي فلسطين في دول الطَّوق والشتات المحيط بفلسطين. وكانت كُلُّ معاهد البحث في (إسرائيل)، ونقاشات وأوراق عمل دورات مؤتمر (هرتزليا) المُسمَى بـ"مؤتمر المناعة القوميَّة" في (إسرائيل) قَدْ تحدَّثت مرارًا عن ما سمَّته بـ"الخطر الديمغرافي الفلسطيني"، خصوصًا مع نضوب مستودع الهجرات الكولونياليَّة الإجلائيَّة الصهيونيَّة اليهوديَّة من مختلف بلدان العالَم باتِّجاه فلسطين، وتراجعها من عامٍ لآخر.
الحديث أعلاه، يأتي بمناسبة اليوم العالمي للسكَّان، فقَدْ أصدر المكتب المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومقرُّه مدينة رام الله، يوم الحادي عشر من تموز/يوليو 2023، تقريرًا إحصائيًّا رقميًّا، تضمَّن واقع الفلسطينيين السكَّاني وتوزُّعهم بَيْنَ فلسطين والشَّتات. والازدياد المُطّرد بأعدادهم على امتداد أرض فلسطين التاريخيَّة وفي بلدان الطَّوق المحيطة بفلسطين.
اقرأ أيضًا: آليات تفكيك التحالف الإسرائيلي الأمريكي
اقرأ أيضًا: استخلاصات إسرائيلية بعد 17 عامًا على حرب لبنان الثانية
وقَدْ أفادت المُعطيات التي قدَّمها التقرير بأنَّ العدد الكُلِّي لأبناء الشَّعب العربي الفلسطيني على أرض فلسطين وفي الشَّتات (الشَّتات المُسجَّلين في قيود وسجلَّات وكالة أونروا، وتحديدًا في سوريا ولبنان والأردن)، بلغ نَحْوَ 14.5 مليون فلسطيني حتى منتصف عام 2023، مِنهم 5.48 مليون فلسطيني في قِطاع غزَّة والضفَّة الغربيَّة بما فيها شرقي القدس، وقد بلغ عدد سكَّان الضفَّة الغربيَّة المُقدَّر قرابة 3.25 مليون نسمة مِنهم نَحْو 32% من اللاجئين، في حين قُدِّرَ عددُ سكَّان قِطاع غزَّة بقرابة 2.23 مليون نسمة غالبيَّتهم من اللاجئين بنسبة تقارب نَحْوَ 64%.
ولا ننسى في هذا الصَّدد أنَّ هناك نَحْوَ مليون وثمانمائة ألف مواطن فلسطيني في الداخل المحتلِّ عام 1948. إنَّ أهمَّ العناصر التي أشار لها التقرير الإحصائي الفلسطيني، ما يتعلَّق بأعمار السكَّان، فالمُجتمع الفلسطيني، مُجتمع فتيٌّ بشكلٍ عام بالداخل والشَّتات، تزداد نسبة الفتوَّة في تكوينه، فأكثر من ثلث سكَّانه دُونَ 15 سنة، وتُقدَّر نسبة الأفراد في الفئة العمريَّـة (0 ـ14 سنة) بنَحْوِ 37% من مجمل السكَّان فـي فلسطين في منتصف عام 2023، بـواقع 35% في الضفَّة الغربيَّة، ونَحْوِ 40% في قِطاع غزَّة، وكذا الحال في الشَّتات حيث نسبة فتوَّة المُجتمع الفلسطيني بأوساط لاجئي الشَّتات تقارب نَحْوَ 40%، وكذا الحال في الداخل المحتلِّ عام 1948.
بالمحصلة، هناك تطورات وتحَوُّلات ديمغرافيَّة سكانيَّة تحفر أخاديدها على أرض فلسطين التاريخيَّة، ولا يُمكِن لدولة الاحتلال أن توقفَها أو تُفرملَها، حيث بات نصف الشَّعب الفلسطيني يُقيم الآن على أرض فلسطين التاريخيَّة، وقَدِ ازدادت أعداده قليلًا عن أعداد اليهود عامة على أرض فلسطين، وهو ما يزيد من قلق (إسرائيل) خشية من الذوبان اللاحق في بحرٍ من السكَّان العرب عاجلًا أم آجلًا، وعِنْدها سينتفي على المدى الأبعد قليلًا نسبيًّا مقولة "دولة يهوديَّة نقيَّة" لِتصبحَ خلف التاريخ.