يشتكي مزارعون ورعاة أغنام في الأغوار الشمالية بالضفة الغربية المحتلة من تدهور وتقلُّص الثروة الحيوانية بسبب توسُّع المستوطنات واعتداءات المستوطنين.
ووفقًا للمزارعين والرعاة، يُقلّص المستوطنون مساحات الرعي بواسطة التجريف المستمر أو طرد الرعاة من المناطق، إذ أنهم يضعون أيضًا أسلاكًا شائكة حول الأراضي المجاورة للمستوطنات، ما يمنع الرعاة من الدخول ويؤدي في النهاية إلى توسُّع هذه الأسلاك ومنع الوصول إلى المراعي، كذلك يستغل المستوطنون الوضع القانوني المُعقّد لتلك المناطق ويدّعون أنها مناطق محمية طبيعية.
تحت ضغط هذه الاعتداءات، اضطر المزارع هيثم بركات من طوباس إلى بيع رؤوس الماشية المتبقية بسبب ارتفاع تكاليف العلف وتقلُّص المراعي، قائلًا: كلفة وأسعار العلف عالية جدًّا، والمراعي قليلة وتقلّصت كثيرًا بسبب اعتداءات المستوطنين، فكان لا بد من بيع ما لديّ من ماشية خشية تواصل الخسائر، فلا أحد يلتفت لمعاناتنا، ولا أحد يدعمنا كي نصمد أمام المستوطنين.
ويضيف: بعتُ ٥٠ رأسًا من الماعز، على سعر ١٠٠ دينار للرأس الواحد، إذ كانت الماشية تعاني الضعف والهزال بسبب قلة المراعي، مع أنّ سعر الرأس الواحد يصل إلى ٢٥٠ دينارًا في حال الوضع العادي والطبيعي.
اقرأ أيضًا: تقرير هيمنة الاحتلال على مصادر المياه تُغيّر أنماط الزراعة وتُقلّص مزارع التربية
المُزارِع نعيم سراحنة من قرية الباذان شمال شرق نابلس يؤكد أنّ المستوطنات تواصل تمدُّدها وبناء المزيد من الوحدات والمصانع الاستيطانية في كافة أراضي قرى وبلدات الأغوار الشمالية، بعيدًا عن وسائل الإعلام ودون إحداث ضجيج إعلامي، ووسط غياب لافت.
ويوضح أنّ آلاف الدونمات الرعوية، صادرها الاحتلال كما حصل ويحصل في الأغوار الشمالية بحجج كثيرة، "بل إنّ مستوطنين يزاحموننا في المراعي بإحضار مواشيهم ويطردوننا".
وعن عدد الدونمات المصادرة أو التي يهددها الاستيطان، يقول عارف دراغمة الخبير بالاستيطان: حسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان فإنّ أكثر من مليون دونم من الأراضي الرعوية، جزء كبير منها في الأغوار الشمالية، خسرتها الضفة الغربية لمصلحة الجدار والتوسع الاستيطاني المتزايد، وهو ما تَسبّب بتقليص الثروة الحيوانية وأعداد المواشي، إلى أقل من النصف واستنزافها.
ويؤكد دراغمه أنّ المستوطنين يعتدون أيضًا بين فترة وأخرى، على رعاة الأغنام في مختلف المناطق ويطردونهم مما تبقّى من المراعي، عدا عن إطلاق كلابهم، وكذلك إطلاق الرصاص الحي على رعاة الأغنام لطردهم.
ويشير الخبراء والمتابعون للاستيطان إلى أنّ الأغوار الشمالية تُعدُّ مصدرًا مهمًّا للغذاء في الضفة الغربية، ولكنّ الاحتلال استولى على مساحات واسعة من الأراضي وأقام عليها مستوطنات زراعية ومحميات طبيعية ومعسكرات تدريب للجيش، ما أدى إلى تدهور الوضع الزراعي والحيواني في تلك المنطقة.
ووفق توثيق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان فإنّ الاستيطان في الأغوار الشمالية بدأ منذ احتلالها في عام 1967، إذ أُقيمت أُولى المستوطنات في عام 1968، وتزايَدت باستمرار بعد ذلك.
وتشير الهيئة إلى أنّ أكثر من مليون دونم من الأراضي الرعوية، معظمها في الأغوار الشمالية، فقدتها الضفة الغربية بسبب الجدار والتوسع الاستيطاني، ما أدى إلى تقليص الثروة الحيوانية وعدد المواشي.