في حين تتواصل حالة الاستقطاب الحزبي والفوضى الداخلية في دولة الاحتلال، فإن آثارها وتبعاتها تصل لمختلف القطاعات الحيوية والاقتصادية، وعلى رأسها شركات الهايتك والتكنولوجيا الفائقة.
بالرغم من تحقيق قطاع التكنولوجيا العالية لدى الاحتلال في السنوات العشرين الماضية انتشارًا لافتًا تحول بموجبها الاحتلال من دولة ناشئة إلى متوسعة، ونشاط شركات صغيرة ناشئة ذات أحجام مبيعات منخفضة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن شركات التكنولوجيا الفائقة الأكثر نجاحًا لم تصل لمبيعات تزيد عن 200 مليون دولار.
كما وظفت معظم هذه الشركات عاملين تقنيين رئيسيين، بهدف بيعها بأكثر الأسعار جاذبية لشركة كبيرة متعددة الجنسيات، وعلى مرّ السنين، اكتُسبت الخبرة التي اكتسبها الموظفون والمديرون في هذا المجال بتأسيس الشركات الناشئة ومتعددة الجنسيات، جنبًا إلى جنب مع استثمارات رأس المال الكبيرة، وصولًا لشركات كاملة متخصصة في التكنولوجيا الفائقة التي تؤسس أنشطة تجارية عالمية تدار أساسيًا من دولة الاحتلال.
السطور التالية لا تسمح باستعراض أسماء هذه الشركات التي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار، لكن الجديد فيها جملة ملاحظات، أولها أن المستثمرين الأجانب في هذا القطاع باتوا يترددون في الاستثمار بشركة تقع في بقعة جغرافية في الشرق الأوسط، وتتلقى وابلًا صاروخيًا كل بضعة أشهر.
الملاحظة الثانية أنه في ظل الانقلاب القانوني الجاري فقد أقدمت عدد من الشركات الإسرائيلية عالية التقنية تباع بعشرات مليارات الدولارات، وثالثها أن هذه الشركات باتت تتخوف من فقدانها المزيد من العاملين التقنيين الذي يحصلون على أي راتب يريدونه، ولا سيما في العواصم الأوروبية وأمريكا الشمالية، ورابعها أن الشركات الإسرائيلية باتت على وشك الإغلاق عقب انخفاض قيمتها على المديين القصير والمتوسط.
في الوقت ذاته، فإن الأزمة السياسية التي تتطور لدى الاحتلال حول الانقلاب القانوني يشكل خطرًا واضحًا على النمو المستمر لقطاع التكنولوجيا الفائقة، ويبدو أن 50-80٪ من الشركات الناشئة الجديدة غير مسجلة كشركات إسرائيلية، بجانب الانخفاض الكبير في الاستثمارات الأجنبية في مجال الهايتك خلال الربع الأول من العام الجاري 2023.
الخشية الإسرائيلية أن السلطة القضائية لن تكون قوية ومستقلة بما يكفي لحماية حقوق الملكية الفكرية، وسيفضل المديرون والمستثمرون عدم تسجيل الشركات في دولة الاحتلال، لأن الضرر قد وقع فعليًا عليها، ولن يكون سهلًا كبح جماحه، والشيء الرئيسي هو إزالة حالة عدم اليقين الموجودة بين رواد الأعمال والمديرين والمستثمرين عبر حلّ سريع للأزمة السياسية والقانونية، التي ستترك تبعاتها على إضعاف اقتصادها بأكمله، وبشكل كبير، مع أنه مفتاح وجودها في هذه المنطقة، بجانب المفتاح الأمني.