تأتي عملية مستوطنة "هار أدار" شمال غرب القدس المحتلة صباح أول أمس كتذكرة لكل فلسطيني وكل عربي وكل مسلم أن هناك احتلالا واستيطانا في القدس وفلسطين، وأن هناك شعبا فلسطينيا ما زال يعيش تحت الاحتلال ويواجه القمع اليومي والحواجز العسكرية المذلة وجدار الفصل العنصري وتقطيع الأوصال الذي يفصل المواطن الفلسطيني عن أرضه، المعزول عنها وعن وطنه الذي يحتاج إلى تصريح للوصول إليه.
كما أن مجيء منفذ العملية نمر الجمل من قرية بيت سوريك التي يعزلها الجدار، وكونه ابن 37 عاماً، وأباً لأربعة أطفال، وممن يحملون تصريحا للعمل في المستوطنة، وفقاً لرواية الاحتلال يأتي إجابة عن أن التنسيق الأمني والتصاريح لم ولن يجملا شكل الاحتلال البشع، فأن يمن الاحتلال على فلسطيني بتصريح ليعمل من أجل لقمة عيشه وأولاده في أرضه المغتصبة لن يجمّل صورة المغتصب، ولن ينسي الفلسطيني أنه صاحب هذه الأرض!
كما أن هذه العملية تأتي في هذا التوقيت لتقول للمستوى السياسي الفلسطيني لا مبرر لكم لتقديم التنازلات، فإن عجزتم عن المقاومة، وفقدتم الأمل، فإن فلسطينيا واحدا رب أسرة بالغا عاقلا وليس شاباً (طائشاً) يقول لكم لقد تعبتم فاستريحوا، واتركوا شعبكم يقاوم الاحتلال على طريقته.
كما قال نمر الجمل منفذ العملية للاحتلال أنه لن يهنأ ولن يستقر على هذه الأرض، وأن عليه ألا ينخدع بفترات الهدوء، فالنار تحت الرماد وما تلبث أن تشتعل.
كما أن هذه العملية تنسف ادعاءات أجهزة العدو الأمنية بأنها استطاعت تهدئة الأوضاع وإلهاء الفلسطينيين بتصاريح العمل ولقمة العيش، وتنسف ادعاء القدرة على الردع، فاعتقال عائلة البطل عمر العبد منفذ عملية حلميش وهدم منزلهم لم يردع نمر الجمل، ولن يردع أي مقاوم.
كما أن أسطورة جيش الاحتلال تمرغت في التراب؛ حيث استطاع فلسطيني مسلح بمسدس صغير، وبضع رصاصات، أن يهاجم ثكنة عسكرية، وعربات عسكرية مصفحة، وجنود مدججين بالسلاح، وأن يوقع فيهم ثلاثة قتلى وجريحاً بجراح بالغة دون أن يكون قد تلقى أي تدريبات عسكرية، ودون أن يكون خريجاً لإحدى وحدات الكوماندوز أو الوحدات الخاصة.
ثم توجه هذه العملية رسالةً قويةً إلى ترامب وإلى المجتمع الدولي أن لا صفقات ولا تسويات ولا طي للقضية الفلسطينية، ووضعها في أدراج النسيان لن يغير من الواقع شيئًا بأن هناك احتلالا وشعبا يقاوم.
كما توجه العملية رسالة للفصائل الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بأنه لا خيار أمامكم غير أن تتوحدوا خلف شعبكم في مقاومة الاحتلال، بعد أن قسمتموه وراءكم في دهاليز التسوية والتنازلات والتنسيق الأمني والمفاوضات.