فلسطين أون لاين

تقرير تعلُّم السباحة وسيلة ترفيهية لأطفال غزة في العطلة الصيفية

...
تعليم الأطفال السباحة
غزة/ أميرة غطاس:

بخفة وحرفيّة مطلقة، تسبح الطفلة جنى سكيك (11 عامًا) داخل حوض سباحة في أجواءٍ حماسيّة يتطاير فيها رذاذ الماء كلما ضربته بقدميها الصغيرتين وسط تعالي أصوات ضحكات الأطفال من حولها.

داخل أحد المسابح التي تُعرّف نفسها كأكاديمية لتعليم السباحة بغزة، يطلق المدرب صفارته إيذانًا ببدء الشوط الصباحي وانطلاق الأطفال إلى أحواض السباحة كل في موقعه.

جنى، إحدى الفتيات التي طلبت من والدتها إرسالها إلى المسبح حبًّا بالسباحة واستغلالًا للإجازة الصيفية التي تشعر فيها بالملل "إذ لا يوجد شيء عندي أقضي فيه وقتي".

تقول جنى لـ"فلسطين": "هذا اليوم الثامن لي في تعلُّم السباحة، ولا أرغب بانقضاء المدة التدريبية".

وفي الدرس الثامن تعلمت الطفلة التوازن والضرب بالأرجل والذراعين، كما تعلمت حركة "النجمة"، وتشعر أنها تُفرّغ طاقتها السلبية في السباحة مشيرةً إلى أنّ السباحة تُعدُّ شغفًا وهواية.

على الجانب الآخر من المسبح، خرج الطفل عبد الرحيم البطنيجي من المسبح مرتديًا نظارة السباحة، ليعبّر بحماسة كبيرة بدت على وجهه: "أريد أن أصبح سبّاحًا ومنقذًا لأشارك في مسابقات أولمبية عالمية". 

ويقول الفتى البالغ (14 عامًا) لـ"فلسطين"، إنه مهتمٌّ بالسباحة مذ أن كان في عمر التاسعة، ولا يزال يُطوّر من مهاراته إلى جانب تشجيع الأهل والأصحاب، وبرع في سباحة الظهر، والضفدع، والبقاء لمدة أطول تحت الماء.

ويُشجّع البطنيجي الأطفال على الاستفادة من الإجازة الصيفية في تنمية المواهب والقدرات، وقضاء الوقت في كسب مهارات جديدة.

الأم دنيا مزهر، أحبّت أن تعلّم طفلتها السباحة منذ الصغر، فبالرغم من عمرها الصغير إلا أنها استجابت إلى تعليمات المدرب وأبدت إعجابها بالماء.

وتقول مزهر: "طفلتي أصغر مشتركة في هذه الأكاديمية، لكنني رغبت أن تحترف السباحة بسن مبكرة، لتكون في المستقبل متميّزة عن بقية أقرانها".

منهجية علمية

المدرب محمود شمعة، أوضح أنّ هذه المرحلة تشهد إقبالًا كبيرًا على التسجيل في دورات السباحة، مما يشكّل موردًا لا بأس به للعاملين في مجال التدريب.

وقال شمعة لـ"فلسطين": "نتعامل مع الطفل ضمن منهجية منظمة وعلمية، إلى جانب نشر هذه الثقافة على أسس علمية وصناعة أبطال للمستقبل يُمثّلون فلسطين في المسابقات الدولية".

وعن المراحل التي يمرّ بها الطفل ليحترف السباحة، يشير إلى أنّ الطفل يبدأ بتعلُّم كيف يطفُو دون أن تلمس قدماه الأرض، وهو ما أطلق عليه "طوف الأمان"، ثم بعدها يمرّنهم على السباحة الحرّة وضرب الأرجل والذراعين.

وفي المرحلة الثالثة، يبدأ المدرب بتعليم الأطفال سباحة الظهر، ثم سباحة الصدر، ليصل في النهاية إلى سباحة الفراشة، "وفي المرحلة الختامية أُمكّنهم من الأربع سباحات المذكورة، وهنا يمكننا أن نطلق على الطفل، الذي يجتاز هذه المراحل الأربع، لقب السَّباح".

وأبرز الصعوبات التي يواجهها شمعة مع الأطفال هو الخوف في بادئ الأمر، لكنه يُحاول تشجيعهم على كسر ذلك الحاجز، الذي يعتمد على الطفل نفسه وقابليته للتعلم، مشيرًا إلى أنّ بعض الأطفال لا يتقبلون الأمر بسرعة، "فأتعامل مع كل طفل بحسب فهمه واحترافه، وأُراعي الفروق الفردية".

إقبال كبير

مدير أكاديمية السباحة بغزة، د. مالك حلس يقول: "نتعامل مع المشتركين ضمن مستويات تُؤهّلهم إلى الاحتراف، فأولًا المستوى التمهيدي، ثم المتوسط، وأخيرًا المتقدم، وبعد العملية التعليمية تأتي العملية التدريبية التي تؤهّل الطفل إلى المنافسة على بطولات عالمية".

يشير إلى ازدياد الإقبال على الأكاديمية في فصل الصيف تحديدًا بسبب الإجازات الصيفية والجوّ الحار.

ويُبيّن حلس لـ"فلسطين" أنّ السباحة من أهم الرياضات التي تعمل على تقوية العضلات القادرة على الحركة، وتُكسب الجسم اللياقة البدنية، وتُساعده على تحريك العضلات الضعيفة.

ويلفت في حديثه إلى أنّ أطفال غزة تحديدًا يحتاجون إلى تفريغ الطاقات السلبية التي يعيشونها من جرّاء الحصار والحروب المتكررة، كما أنها عاملٌ ضروري يساعدهم على تحسين نفسياتهم.

وتتراوح رسوم دورات السباحة ما بين 70 شيقل إلى 100 شيقل للمرحلة التدريبية الواحدة التي تضمّ عشرة لقاءات، وينضم لها الأطفال بدءًا من 3 أعوام، حتى 15 عامًا، إضافة إلى تخصيص دورات للشباب على مراحل مختلفة. 

وعن الطموحات التي تسعى لها الأكاديمية يضيف حلس: "نسعى إلى إنشاء مركز تدريبي مجهّز لاستقبال جميع الفئات العمرية حتى الأطفال المواليد".

ويختتم قوله: "هدفنا الأساسي تخريج فوج من السبّاحين الذين ينافسون على ألقاب عالميّة ويرفعون اسم فلسطين عاليًا".