لا أحد يدري حقيقة ما يجري في روسيا، هل تمردت قوات فاغنر على بوتين والقيادة في موسكو؟ هل التمرد كان بسبب الحرب في أوكرانيا؟ هل السبب يهدف إلى تهيئة ظروف مناسبة لإيقاف الحرب؟ هل قيادة فاغنر تريد الضغط على الرئيس الروسي لعزل وزير الدفاع ورئيس الأركان؟ وما الهدف من العزل؟ هل يمكن لقوات فاغنر أن تقوم بانقلاب يغير السلطة في موسكو؟ وهل لديها القدرة على ذلك وهي تعمل من خارج الجيش؟ هل لأميركا والغرب دخل فيما يحدث؟ الأسئلة التي تولدت عن الحدث المفاجئ كثيرة، ونحن لا نملك لها إجابات شافية، ولكننا نراقب كغيرنا، ونجيب ونخمن كما يُجيب ويخمن غيرنا، ولا سيما وأن المعلومات الصحيحة نادرة.
فاغنر تأسست بموافقة ودعم الحكومة في موسكو، وفاغنر تقاتل في باخموت ومواقع أخرى في أوكرانيا، وفاغنر لديها (٥٠) ألف مقاتل، وهذا عدد قليل بالنسبة للجيش الروسي، وليس بالممكن لهذا العدد الاستيلاء على السلطة إذا لم يتلقى دعمًا من الجيش نفسه، ومن الشعب أيضًا، وهذا الدعم بعيد التحقق، بسبب طبيعة النظام الروسي.
في اعتقادي أن تمرد فاغنر بحسب الوصف الرسمي الروسي لا يستهدف الانقلاب وتغيير الحكم، إذ هذا مستحيل بالآلية التي حدثت، وفي اعتقادي أن الحدث جرى لإحداث تغيير ما، وهو شيء دون الانقلاب، وهو ما يحكيه الاتفاق الأخير بين بوتين وقائد فاغنر، إذ يقتضي الاتفاق حلَّ فاغنر، ودمج من يريد القتال في الجيش بتعاقد مع وزارة الدفاع، وعدم توجيه اتهامات الخيانة لقائد فاغنر، وتركه يعيش في بلاروسيا بأمان، ولو كان هذا انقلابًا لما توصل الطرفان إلى هذا الاتفاق بهذه الشروط.
ومن هنا، وبتحليل سياق ما سمي بتمرد، وما سمي باتفاق إنهاء التمرد، يمكن لبعضهم القول إن ما جرى كان لعبة محبوكة بين بوتين وفاغنر، لأغراض معينة عند بوتين ستتكشف لاحقًا.
إن ما يهمنا نحن الفلسطينيبن هو قراءة التدخلات الأميركية والغربية، وطرق عملها في روسيا وأوكرانيا، بغرض تحقيق أهداف إستراتيجية بعيدة المدى، روسيا التي شغلت بالتمرد هي روسيا التي تقاتل في أوكرانيا الغرب وأميركا، فهل تقوى روسيا على مواصلة القتال، أم أن التمرد هو بداية نهاية الحرب، والاتجاه لوقف إطلاق النار؟