تستمر شروق شمس محور المقاومة، وغروب دولة الاحتلال، انطلاقًا من عوامل متشابكة معقدة ومتداخلة في بعضها بداية من جيوبوليتيك المنطقة، واستمرارًا بأن هذا المحور يمثل تحالفاً سياسيًّا وعسكريًّا يحمل رسائل واضحة من عدة دول في المنطقة العربية، في وجه الاستكبار والهيمنة (الصهيوشيطانية) في الإقليم، وأُنشِئ هذا التحالف ليشمل بشكل رئيس: إيران، وسوريا، وحزب الله في لبنان، وحركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، والعراق، واليمن، محققاً العديد من الإنجازات على صعيد الوحدة ومراكمة القوة، وكل هذا كان له أثره حتى بات ينظر إلى هذا المحور على أنه من مفاعيل القوة في الصراع مع الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط، ويمكن اعتبار أن هذه الخطوات سيتم تفسيرها على أنها تأثير في السياسة الإقليمية، ولعل من أبرز دلالات ذلك امتلاك محور المقاومة تأثيراً كبيراً على السياسة الإقليمية في المنطقة، ويعدُّ من الأطراف المؤثرة في الحروب والصراعات الدائرة في المنطقة مع الاستعمار وأدواته، ما يجعله يملك قدراً كبيراً من النفوذ السياسي والعسكري في المنطقة، فيضع المحور النقاط على الحروف، ويستخدم هذا النفوذ لتعزيز مواقفه، وتحقيق أهدافه، ولعل أهمها مقاومة الاحتلال الصهيوني، إذ تعد المقاومة الفلسطينية، وحزب الله في لبنان من أهم أجنحة محور المقاومة، وقد نجحت هذه المقاومة في تحقيق انتصارات عسكرية مهمة ضد الاحتلال، مثل: حرب لبنان عام ٢٠٠٦، وانتصار المقاومة في معركة سيف القدس، والجولات الدائرة مع غزة دون أن تمتد إلى هذا المحور يد التحوير أو التغيير.
وفي الوقت نفسه ينظر أحرار العالم إلى محور المقاومة على أنه قوة مقاومة للتدخلات الأجنبية في المنطقة، شكلت لطمة قاسية لأطماعها وآمالها الاستعمارية، ويستمر المحور في توسيع نطاق التأثير الإقليمي على نطاق التأثير الإقليمي للدول، وما يحدث هو أحد الأمور التي لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، فالمقاومة هي الوسيلة الأساسية التي تستخدمها الشعوب المحتلة للدفاع عن حقوقها وحريتها، ومحاربة الظلم والاستعباد، وتعزيز الإرادة والثقة في إرادة شعوب دول المحور في انتزاع حقوقها، وفي قدرتها على التغيير وتحقيق الحرية والعدالة، وقد بدا لنا أن من أهداف المحور أن يساعد في النضال والمقاومة، وفي تأكيد الهوية للشعوب ومنحها رمزية وشرعية في الدفاع عن حقوقها.
وإن دلَّ هذا على شيء، فعلى أن فكرة الاستبداد السياسي الصهيوني والإرهاب الإحلالي الذي تمارسه دولة الاحتلال الصهيوني في المنطقة، ويتم الدفع إلى تطبيق الجبرية السياسية التي يوجهها اللوبي الصهيوني المنتشرة أدواته عالميًّا لخدمة الاحتلال في طريقها للفشل والاندحار، على الرغم من الخطط الشيطانية والتكتيكات النفعية، فلقد تقدم محور المقاومة ليكون له دور طليعي بارز في تحرير الأرض، واستعادة السيادة عليها، وسنشهد تحولات كبيرة لصالح مشروع المقاومة.
وحقيقة الأمر أن المحور وفصائله مثل تحديًا للسيطرة الاستعمارية والاحتلالية، ويعكس جانبًا كبيرًا من الأهمية لرفض قوى المحور للظلم والاستبداد، وثمة دلائل على أن المحور قد وجه اهتمامه في تنفيذ خطوات عملية لإحداث تغيير لخدمة مشروع المحور في تحقيق العدالة، وتقوية الروابط العسكرية بين الفصائل المتعاونة في إطاره، ويساهم في تنظيم العمل الجهادي، ما يزيد من فاعليتها في مواجهة الاحتلال، وتعزز العلاقات بين الجماعات والفصائل المختلفة، وتحفيز الابتكار والتقدم في مختلف المجالات، وتعزز الريادة والإبداع بين قوى المحور من خلال مراكمة القوة المستمرة في الجبهات والساحات.
وعلى الرغم من أن الاحتلال مستمر في جرائمه وعدوانه، إلا أن قوى المحور تزداد مراكمة للقوة، واستعداداً لساعة الصفر لمواجهة الإرهاب الصهيوني، ولعل المناورات التي نفذتها قوى محور المقاومة في جنوب لبنان وغزة، تثبت أن إرادة الانتصار راسخة في فكر ومسيرة فصائل المقاومة، التي تعمل بتنسيق عالٍ بين أركانها، وهو ما باتت قيادة دولة الاحتلال تخشاه من خلال محاكاة المناورات الصهيونية الأخيرة لفكرة اجتياح لواء الرضوان التابع لحزب الله لشمال فلسطين المحتلة، والتعامل مع هذا الخطر، واستمرار تعاظم التنسيق المشترك بين فصائل المقاومة الفلسطينية بعضها البعض، من خلال غرفة العمليات المشتركة، وأدائها الراقي في الميدان، ومن هنا يمكننا القول إن تجسيد محور المقاومة يمثل تأكيدًا قويًّا أنه لا يمكن إزالة المقاومة بالقوة، فلقد أصبحت ظاهرة متجذرة في الواقع الإسلامي، ولا يمكن تجاهلها أو إزالتها بقوة السلاح، فالمستقبل لها، وستقاوم حتى النصر.