فلسطين أون لاين

جنين وتسريع العمل المقاوم

أن تُعطب عربة النمر المصفحة على أرض جنين وتُصاب الأباتشي في سمائها أمر لم يتوقع أحد حدوثه في هذه الأيام، كنا نتوقع أن تتطور المقاومة وتصل إلى ما وصلت إليه بعد مدة زمنية ما، لكنَّ المقاومة في جنين فاجأت الجميع، إذ تخطت كوابيس الاحتلال و تخطت أماني شعبنا بقدر كبير، وما قامت به المقاومة من تسريع عملها بهذه الشدة كان الرد الأقوى على حكومة نتنياهو وقرارها بتسريع الاستيطان، ويمكننا القول الآن إن المقاومة قلبت الطاولة على المحتل والمستوطنين ومن يدعمهم من دول التطبيع والانبطاح، الذين لم يفيقوا بعد من الصدمة التي لحقت بالجيش الذي يرعبهم ويحسبون له ألف حساب. 

إعلان كتائب عز الدين القسام عن نجاحها في عملية الكمين المحكم في جنين وإعطاب آليات عسكرية إسرائيلية وإصابة طائرة الأباتشي له دلالات كثيرة ومنها أن فصائل المقاومة في فلسطين لم تبرم أي اتفاق تهدئة طويلة الأمد تخص غزة دون الضفة الغربية، ويعني أن المقاومة الفلسطينية نجحت في تعزيز أجنحتها في الضفة الغربية تعزيزًا كبيرًا يكاد أن يشكل معادلة ردع في الضفة الغربية على غرار معادلة الردع التي فرضتها المقاومة في قطاع غزة، مع تأكيد أن المقاومة جسد واحد وقرار واحد في غزة والضفة الغربية، ولكن المسألة تتعلق بتوزيع الأدوار والأحمال، وهذا الهدف الذي كانت تسعى إليه كتائب عز الدين القسام منذ سنوات وهو بعث المقاومة من جديد في الضفة الغربية وقد تحقق.

إن استغراق العدو تسع ساعات للانسحاب من جنين وسحب آلياته المعطوبة دليل على وحدة المقاومة، إذ شاركت كل فصائل المقاومة بالتصدي للقوات الغازية وإرباكها وتكبيدها الخسائر المادية والبشرية التي لم يعلن الاحتلال عنها ولن يعلن.

بعدما شاهدنا ما حدث في جنين يمكننا القول بشطب كل ما تمخضت عنه لقاءات شرم الشيخ والعقبة، ونتوقع أن تكون هناك اجتماعات ذات مستوى أعلى وتدخل أمريكي أكبر تكون نتيجته المزيد من تعزيز قدرات السلطة الفلسطينية، والعزف على وتر "حل الدولتين"، وعودة المفاوضات، قد يكون هناك لجم لحكومة نتنياهو فيما يتعلق بسُعار الاستيطان وتسريعه وتدنيس المقدسات، وقد يصل الأمر إلى التلويح بضرورة إجراء انتخابات فلسطينية شاملة لضمان هدوء الشارع الفلسطيني وعدم الوصول إلى نقطة اللاعودة باندلاع انتفاضة فلسطينية مسلحة في الضفة الغربية.