يبدي ذوو محررين أعادت قوات الاحتلال اعتقالهم بعد إطلاق سراحهم في صفقة وفاء الأحرار، إيمانهم العميق بقدرة فصائل المقاومة على تحريرهم مجددًا من قيد السجون الإسرائيلية، التي تغيِّب خلف قضبانها قسرًا أسرى أمضوا عقودًا في الأسر.
وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وبوساطة مصرية استطاعت تحرير 1047 أسيرًا وأسيرة من سجون الاحتلال في عدة مراحل، مقابل تسليم جندي المدفعية الإسرائيلي جلعاد شاليط نهاية 2011.
وبعد بضع سنوات نفذ جيش الاحتلال عملية عسكرية واسعة بالضفة الغربية، صادفت ذكراها التاسعة، أول من أمس، وشملت اعتقال قرابة 70 من محرري صفقة وفاء الأحرار، في أعقاب أسر كتائب القسام 3 مستوطنين وقتلهم في مدينة الخليل جنوبي الضفة.
ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل إن محاكمه أعادت لهم الأحكام القديمة، ويصل بعضها إلى عشرات السنين.
وهذا ما تعرض له عبد الرحمن صلاح البالغ حاليًّا (70 عامًا) من سكان مدينة جنين، والذي اعتقله الاحتلال في 2002، وأطلق سراحه بالمرحلة الأولى من الصفقة في أكتوبر/ تشرين الأول 2011، كما تقول ابنته رشا.
وأضافت لـ"فلسطين": أن سلطات الاحتلال فرضت على والدها بعد تحرره في الصفقة إجراءات صارمة، شملت: المنع من السفر وأداء فريضة الحج، ومنعه من الوصول إلى مدينة القدس أو الخروج من مدينة جنين إلى محافظات أخرى من الضفة الغربية.
وتابعت رشا أن قوات الاحتلال أعادت اعتقال والدها بتاريخ 18 يونيو/ حزيران 2014، ومع ذلك أعادت الحكم السابق بالسجن مدة 25 سنة.
وفرض عليه جيش الاحتلال أيضًا التوقيع كل يوم خميس في مركز سالم العسكري للتأكد من وجوده في جنين، ولتنغيص حياته.
"علاوة على ذلك لم يتركه الاحتلال، بل اعتقله وحرمنا منه" قالت رشا بألم اعتمل صدرها.
والأسير صلاح لديه 5 بنات، وابنين، استشهد أحدهما وهو محمد خلال مواجهات اندلعت في جنين بعد توغل جيش الاحتلال فيها يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003، ولم يلقِ والده نظرة الوداع بسبب اعتقاله في السجون.
أما عن حالته الصحية فهو يعاني فقدان النظر في عينه اليمنى، ولا تتعدى نسبة الرؤية في العين اليسرى 10 بالمئة، ولا يكترث الاحتلال لحالته، ويصر على إكمال محكوميته.
اقرأ أيضاً: دعوات متواصلة لدعم محرري "وفاء الأحرار" المعاد اعتقالهم
وتابعت رشا قولها: إنها تعوِّل على فصائل المقاومة لتحرير الأسرى، وإنهاء معاناتهم.
وكانت القسام بعد تمكن جندها من أسر عدد من ضباط وجنود جيش الاحتلال إبَّان معركة العصف المأكول صيف 2014، وامتدت حينها 51 يومًا، ربطت أي صفقة مستقبلية مع حكومة الاحتلال بالإفراج الفوري عن محرري وفاء الأحرار المُعاد اعتقالهم.
ويبلغ عددهم حاليًّا في سجون الاحتلال قرابة 48 أسيرًا، وفق معطيات محلية.
ويؤيد هاني بركات شقيق المحرر في الصفقة المعاد اعتقاله محمد بركات (40 عامًا)، إصرار المقاومة على إطلاق سراح هؤلاء.
وينحدر الأسير بركات من قرية عنبتة في جنين، شمالي الضفة الغربية.
وكان بركات قد اعتقله جيش الاحتلال سنة 2000، وحكم عليه بالسجن مدة 25 سنة، وفق قول شقيقه لـ"فلسطين".
وقال: إن لجوء الاحتلال إلى اعتقال محررين في الصفقة مرفوض بتاتًا.
وأضاف: إن المقاومة كان لها دور كبير في تحرير عدد كبير من الأسرى، وستنجح في تحريرهم مجددًا.
ويرفض الاحتلال الإفراج عن المحررين المعاد اعتقالهم؛ خشية عودتهم للعمل المقاوم المتنامي ضده في الضفة الغربية.
وكان من بين المعاد اعتقالهم نائل البرغوثي من مدينة رام الله، والذي يدخل في نوفمبر المقبل السنة الـ 44 بسجون الاحتلال، وفق زوجته أمان نافع والمحررة أيضًا من سجون الاحتلال بعد أن أمضت فيها 10 سنوات من أصل 15 سنة.
وأضافت لـ"فلسطين"، أن زوجها اعتقل وعمره (19 عامًا) وحاليًّا يبلغ (65 عامًا)، لقد أمضى غالبية سنين عمره أسيرًا، وهو معتقل الآن بناءً على ملف سري ترفض سلطات الاحتلال إطلاع محاميه عليه.
وتابعت: إعادة اعتقال المحررين مرفوض من الجميع، ومبررات الاحتلال بأن محرري صفقة وفاء الأحرار خرقوا بنودها غير مقبولة.
وأكملت: "لا زلت أعيش الصدمة منذ اعتقال زوجي، فالاعتقال كيدي ومقصود من أجل إرضاء أحزاب داخلية لكيان الاحتلال. يجب أن ينتهي هذا الملف من خلال ممارسة راعي الصفقة الضغط على الاحتلال".
وأشارت إلى أن جهود ذوي المعاد اعتقالهم لم تتوقف منذ خرق الاحتلال بنود صفقة التبادل التي تضمن عدم المساس بالمحررين، حتى أن محكمة الاحتلال "العليا" لم تجد مبررًا لاستمرار اعتقال البرغوثي.