قررت حكومة المستوطنين تسريع مراحل نمو الاستيطان في الضفة الغربية وسلمت زمام أمره لوزير مالية الاحتلال سموتريتش وفوضته بالتصديق عليه، وإذا مر القرار دون رد فعل فلسطيني حقيقي ستمتلئ الضفة الغربية بالبؤر الاستيطانية في مرحلة زمنية قصيرة، إذ ستتعرض محافظة جنين تحديدًا لحملة مكثفة من مصادرة الأراضي تمهيدًا لبناء المستوطنات من أجل فكفكة التواصل بين مدن وقرى جنين ومن أجل تعزيز السيطرة الأمنية الإسرائيلية عليها.
الفصائل الفلسطينية كلها ودون استثناء استنكرت قرار تسريع الاستيطان وحذرت من تداعياته، وأكدت عدم شرعيته، وهذا كله صحيح ولكن لن يكون كافيًا لمنع حكومة الاحتلال من الشروع بتنفيذ قراراتها، ولذلك من المتوقع أن تتحرك بعض الفصائل لمقاومة الاستيطان عمليًا.
المتحدث باسم رئاسة السلطة الفلسطينية حذر أيضًا من قرار الحكومة الإسرائيلية قائلًا: "إن المستوطنات في الضفة ستفكك كلها كما فككت في قطاع غزة؛ لأنها غير شرعية وغير قانونية ومخالفة للقوانين الدولية"، مع التوضيح أن المستوطنات في غزة فُككت بفعل ضربات المقاومة النوعية التي لم يستطع الاحتلال معها الصمود والبقاء في قطاع غزة، ولم تُفكك لأنها غير شرعية وإن كانت كذلك، وما حدث في مستوطنات غزة سوف يتكرر في الضفة الغربية بفعل المقاومة إن لم تنجح السلطة في تحريك المجتمع الدولي لمنع دولة الاحتلال من وقف عملية الاستيطان برمتها وليس فقط التحكم بسرعة انتشارها وتوغلها في كل أرجاء الضفة الغربية.
المتحدث باسم رئاسة السلطة طالب أيضًا بتطبيق المبادرة العربية للسلام لأنها كفيلة حسب ظنه بوقف الاستيطان وانتهاكات الاحتلال في مدينة القدس، ونحن نرى أن المبادرة العربية للسلام كانت البوابة التي هرولت من خلالها بعض الأنظمة العربية للارتماء في أحضان الكيان الإسرائيلي، من أجل التطبيع ودعم الكيان أمنيًا واقتصاديًا ومعنويًا على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته، ولذلك لا بد أن تتذكر السلطة الفلسطينية أن الأنظمة العربية تسعى إلى تطبيق المبادرة عكسيًا، بحيث تعترف بالاحتلال وتعقد معه اتفاقيات سلام بانفراد أو جماعيًا ثم تسعى إلى إرضاء الفلسطينيين ببعض الفتات الذي لا يصل إلى قيام دولة فلسطينية، وقد طالبت بعض الجهات دولة الاحتلال أن تتنازل وتقدم بعض الإيماءات التي هي أقل من وعود من أجل استرضاء قيادة السلطة ثم المضي قدمًا في جريمة التطبيع.