فلسطين أون لاين

إعادة الاعتقال يهدد عشرات المفرج عنهم

المعتقلون في "هبة الكرامة" يواجهون تُهمًا ملفقة داخل محاكم الاحتلال

...
المعتقلون في "هبة الكرامة" يواجهون تُهمًا ملفقة داخل محاكم الاحتلال
اللد–غزة/ يحيى اليعقوبي:

يواجه مئات الشباب من مدينة اللد وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 مصيرًا مجهولًا داخل محاكم الاحتلال الإسرائيلية التي تفرض قوانين تستهدف كل ما هو فلسطيني.

يصطدم هؤلاء الشباب باتهامات ملفقة وبمخاطر إعادة الاعتقال وفقدان فرص العمل، إضافة إلى جهود سلطات الاحتلال في هدم منازل آخرين، وذلك في محاولة منها لمنع أي محاولة جديدة لإحياء النشاط الثوري الفلسطيني في قلوب الشباب، تمامًا كما حدث في "هبة الكرامة" في مايو/أيار 2021، المواكبة لمعركة بـ"سيف القدس"، التي اندلعت لحماية أهالي القدس والمسجد الأقصى.

في هذا السياق، أسهم الشباب في مدينة اللد بدور بارز في مواجهة الاعتداءات التي نفذها مستوطنون في المدينة التي يُمثل الفلسطينيون فيها 35% من تعداد السكان البالغ عددهم حوالي 33 ألف نسمة.

في أثناء "هبة الكرامة"، اعتقلت قوات الاحتلال حوالي 4000 فلسطيني من سكان أراضي الـ48، منهم 300 معتقل من مدينة اللد فقط، أُفرج عن معظمهم دون توجيه لوائح اتهام رسمية، باستثناء 51 شخصًا وُجهت لوائح اتهام ضدهم وأُحيلوا إلى محاكم الاحتلال.

وحتى الآن، لا يزال 15 شابًا معتقلين في حين يواجه 35 شابًا خطر الاعتقال، وفقًا لمحامي الدفاع عن المعتقلين تيسير شعبان.

تهم ملفقة

وأفاد شعبان صحيفة "فلسطين"، بأن محاكم الاحتلال وجهت تهمة القتل المتعمد لعدد من المعتقلين وتطالب بتنفيذ أحكامٍ بالسجن المؤبد بحق سبعة منهم في سجن "رامون"، وتهمة "مكافحة الإرهاب" لزيادة العقوبة.

وتوقع بأن يواجه المعتقلون الآخرون الذين أُطلق سراحهم بعد (20-40) شهرًا، خطر الاعتقال مرة أخرى.

ووفقًا لشعبان، فلم تقتصر المعاناة على المعتقلين بل تمتد أيضًا لعائلاتهم، حيث تعاني هذه العائلات من صعوبة في زيارة أبنائهم المعتقلين منذ عامين، نظرًا لصعوبات الوضع الاقتصادي في الأحياء التي يعيشون فيها، وهؤلاء الأهالي غالبًا لا يستطيعون تُحمّل تكاليف الحضور والمرافعة في المحاكم الإسرائيلية.

اقرأ أيضا: خاص جبارين: 400 لائحة اتهام ضد معتقلي "هبة الكرامة" في الداخل المحتل

ونبه إلى أنه منذ مضي عامين، لم تحظَ قضية معتقلي "هبة الكرامة" بالاهتمام والتفاعل الكافي من الأحزاب العربية في أراضي 48، مما أدى إلى غياب الدعم والاحتضان المطلوب لهذه القضية. 

ويشير شعبان إلى أن هذا الغياب يعود إلى الخشية من التعرض لتهديدات من مؤسسة الاحتلال الإسرائيلية، التي تستهدف كل من يُقدِّم المساعدة والدعم للمعتقلين. 

شعبان لم يستبعد إمكانية اندلاع ثورة جديدة، حيث يشير إلى أن الناس لا يمكنهم الصمت على الظلم "إلى ما لا نهاية"، وقال: "هناك سقف معين يستطيع الإنسان تحمُّله من الظلم والقهر، لأن (إسرائيل) تستغل الظروف للانتقام من الشباب المشاركين في هبة الكرامة وعائلاتهم".

وأكد شعبان أن بعض المفرج عنهم يتعرضون لاضطهاد من محاكم الاحتلال، حيث يتم تلفيق تهم جنائية ضدهم. كمثال على ذلك، تم هدم منزل عائلة "الطواري" بعد شهرين من "هبة الكرامة"، واعتقال خمسة من أبنائها، ولا يزال اثنان منهم معتقلين إلى الوقت الحالي، بينما يتعرض آخرون للطرد من أعمالهم.

ويشيد شعبان بشجاعة شباب اللد خلال "هبة الكرامة"، حيث رفضوا أن تكون لهم حياة دون كرامة في وجود الاحتلال، مبينًا أنهم دافعوا عن مدينتهم وأرضهم التي تعرضت لهجوم  نفذه  نحو ألف مستوطن.

ويبين شعبان أنه على الرغم من وضوح الاعتداءات التي ارتكبها المستوطنون والتي استهدفت المنازل والمحلات التجارية والفلسطينيين في الداخل، إلا أن محاكم الاحتلال رفضت الاعتراف بذلك في لوائح الاتهام، حيث اتهمت الفلسطينيين بالإرهاب بينما سجلت الجانب الآخر كـ"آخرون".

ضرب واعتقال

وكشف غسان منير، الناشط في مدينة اللد، عن تفاصيل صادمة تتعلق بممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه المعتقلين في المدينة.

وأكد منير لصحيفة "فلسطين"، أن المعتقلين يتعرضون للضرب داخل السجون، كما أنهم يخضعون للتحقيق من أجهزة مخابرات الاحتلال بتهم أمنية ملفقة، وليس من الشرطة الإسرائيلية كما هو المعتاد.

وذكر منير أن المحامين في المناطق المحتلة قدموا تبرعاتهم للدفاع عن قضية المعتقلين في "هبة الكرامة"، ومع طول مدة المحاكمة والاعتقال، وتقديم لائحة اتهام بحقهم، يصبح الدعم المالي من المؤسسات والأحزاب والشخصيات الفلسطينية ضروريًا، نظرًا للأعباء المالية التي تقع على عائلات المعتقلين.

ويشير منير إلى أن الاحتلال يسعى جاهدًا لفرض عقوبات قاسية على المشاركين في "هبة الكرامة"، بهدف إرسال رسائل تحذيرية إلى شباب اللد بأنهم سيواجهون مصيرًا مماثلًا في حالة اندلاع احتجاجات جديدة.

وعلى الرغم من كل القمع والاعتقالات التي يمارسها الاحتلال، يرى منير أن الخط الفاصل بين السكان الفلسطينيين والمستوطنين في المدينة أصبح واضحًا، حيث تلاشى "مفهوم التعايش" مع اليهود أمام القمع المستمر، وأصبح الصدام والفصل العنصري واقعًا مسيطرًا.

بالإضافة إلى ذلك، تفرض شرطة وبلديات الاحتلال إجراءات تضييقية على فلسطينيي الداخل وتفرض مخالفات مرورية دون أسباب واضحة، وهذه الممارسات تندرج ضمن محاولات "الانتقام من أهل اللد"، كما يفيد منير.