فلسطين أون لاين

​لأن الجسد أمانة.. بيع الأعضاء "حرام"

...
غزة - هدى الدلو

لفت انتباه بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على "فيسبوك"، منشورًا قبل عدة أيام، لشاب يعلن عن نيته بيع كليته لمن هو بحاجة لذلك مقابل مبلغ من المال، الأمر الذي أثار استغراب المتابعين، وسؤالهم عن جواز بيع الأعضاء. "فلسطين" تواصلت مع أهل الاختصاص لمعرفة هل يجوز شرعًا بيع أي عضو من أعضاء الإنسان؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق الآتي:

قال د.زياد مقداد (أستاذ مشارك في الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية): "إن الشريعة الإسلامية كرمت الإنسان أيما تكريم، وجعل الله له عقلًا يميزه عن سائر المخلوقات، وصوره وأحسن تصويره، ومن هنا كانت الأحكام المتعلقة بالإنسان تختلف عن سائر المخلوقات".

وأضاف: "فالإنسان الحر لا يجوز بيعه ولا شراؤه، فالإسلام جاء لتحرير العباد، لا أن يصبحوا عبيدًا، وعندما بُعث النبي عليه السلام وجد الناس يبيعون ويشترون البشر، فأرسى أحكامًا لتحرير العبيد حتى اعتُقت الرقاب كلها".

وأوضح د.مقداد أن ما ينطبق على الكل ينطبق على الجزء، فلا يجوز بيع الإنسان لنفسه، كما أن شرف الجزء من شرف الكل، وحكم الكل أيضًا من حكم الجزء، فلا يجوز بيع الأعضاء حتى لو كان البائع بحاجة إلى مال، مشيرًا إلى أن هناك حاجة من قبل بعض المرضى لأن يتبرع لهم بأعضاء من أناس آخرين.

وأكد أن العلماء أجازوا بالتبرع ببعض الأعضاء التي يمكن الاستعاضة عنها، ويكون لها بديلًا، ومع ذلك حددوا شروطًا كثيرة، بحيث لا يترتب على المتبرع أي ضرر، وضمان النجاح لعملية النقل بحسب الراجح.

وبين د.مقداد أن هذه الشروط التي وضعها العلماء والفقهاء حتى لا يترتب أي مفاسد عليها، بحيث لا تصبح أعضاء الإنسان محل بيع وتجارة، وفيه محطٌ للكرامة الإنسانية، وبالتالي يصبح الإنسان متاعًا يُباع ويُشترى، ويتفاوض عليه وهو ما لا يليق بالكرامة البشرية لقوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا".

وأشار إلى أن البيع فيه نوعٌ من الإذلال وامتهان للشيء الذي يباع، كما أن فيه فتحَ مفسدة عظيمة تدفع إلى ارتكاب الجرائم كالخطف والقتل وإلحاق الأذى بالآخرين، متابعًا حديثه: "كما أنه يأتي عدم جواز البيع من منطلق أن الإنسان يبيع ما يملك، ولكن جسده هو ملك لله، وأمانة مؤتمن عليها، وسيسأل عنه يوم القيامة فيما أبلاه".

ونبه د.مقداد إلى أن المشتري تلحق به عقوبة كالبائع إذا كان يعلم حرمة الأمر وفعله، فيعدّ شريكًا في العقوبة، وفي حالة الجهل يرفع عنه الذنب، وللحاكم المسلم حق معاقبة من يقوم بهذا الأمر من خلال عقوبات تعزيرية لتمنع من تسول له نفسه القيام بهذا الأمر.