ينتظر قطاع غزة قدوم أعضاء حكومة رامي الحمد الله، على أمل أن تؤدي هذه المرة، واجباتها تجاه الغزيين المحاصرين منذ نحو 11 سنة.
ولطالما واجهت حكومة الحمد الله التي تم تشكيلها بموجب إعلان الشاطئ عام 2014م، اتهامات بالتخلي عن مسؤولياتها تجاه القطاع، ووصف مراقبون زيارتين سابقتين لرئيس الحكومة أجراهما لغزة بعد تشكيلها، بأنهما شكليتان. ومؤخرا فرضت السلطة في رام الله إجراءات وصفتها بأنها "غير مسبوقة" تجاه غزة، بذريعة "إنهاء الانقسام".
لكن رغم المطالبات الحقوقية والدولية بضرورة إلغاء هذه الإجراءات، التي طالت مجالات حيوية كالصحة والكهرباء، ووصفتها مؤسسات دولية بأنها ترقى "لجرائم ضد الإنسانية"، اكتفى بيان للجنة المركزية لحركة "فتح"، أول من أمس، بدعوة الحكومة للذهاب إلى القطاع، دون أن يعلن تراجعا عن هذه الإجراءات.
"أليست هذه الحكومة هي حكومة للشعب الفلسطيني ومن حق الأخير عليها أن تتحمل المسؤولية الكاملة بعد هذه الفترة الطويلة من الغياب؟" يتساءل المحلل السياسي مصطفى الصواف في حديث مع صحيفة "فلسطين".
ويقول الصواف، إن المطلوب من حكومة الحمد الله "أن تتولى الشأن الفلسطيني في الضفة وغزة"، مبينَا أن هذه "هي المسؤولية التي تقع على عاتق هذه الحكومة وهي رعاية شأن الشعب الفلسطيني".
واستغربت حركة المقاومة الإسلامية حماس، في بيان لها، أمس، خلو بيان "مركزية فتح" من أي مواقف أو قرارات تتعلق بإجراءات رئيس السلطة محمود عباس ضد القطاع، و"التي من المفترض إلغاؤها بمجرد إعلان حماس من القاهرة خطواتها الوطنية والمسؤولة المتعلقة بمجريات المصالحة وإنهاء الانقسام".
وكانت حماس أعلنت في 17 من الشهر الجاري، حل اللجنة الإدارية التي كان المجلس التشريعي صادق عليها في مارس/ آذار الماضي، "لسد الفراغ" الذي خلفه عدم تولي حكومة الحمد الله مسؤولياتها في القطاع.
ويلفت الصواف، إلى أن حماس دعت حكومة الحمد الله للقدوم إلى قطاع غزة؛ لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا.
ويتابع: "لم تصدر تعليمات (من عباس) بعد للتوجه إلى القطاع. إذًا من الذي يعطل توجه الحكومة لتولي مهامها؟".
وعن تصريحات منسوبة لوزير المالية في حكومة الحمد الله، شكري بشارة، أن "حل أزمة الموظفين سيستغرق أعوامًا"، واقتراح هذا الوزير "أن يتم تشكيل صندوق خاص لهم بعيدا عن ميزانية السلطة"، يقول الصواف: "الحلول الترقيعية لا يمكن لها أن تجلب مصالحة".
ويبين أن الموظفين الذين عينتهم الحكومة الفلسطينية السابقة برئاسة إسماعيل هنية في غزة، جاؤوا لشغل الفراغ وتحمل المسؤولية وقد خدموا في الوزارات على مدار عقد، بعد أن أمرت السلطة في رام الله موظفيها بغزة بالجلوس في بيوتهم.
وفيما يتعلق بالأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية، يقول: "الأجهزة الأمنية جزء من الموظفين. هناك اتفاق 2011 عالج كل القضايا الخلافية، فإذا كان المطلوب مصالحة بوضع آليات تنفيذ اتفاق 2011 معنى ذلك لن نجد كثيرا من المشاكل".
ويضيف: "إذا كان عباس وفتح يريدان بالفعل مصالحة فعليهما أن يقبلا بمعالجة كل الآثار التي ترتبت على الانقسام".
وعما إذا كان متفائلا تجاه إمكانية تولي حكومة الحمد الله مسؤولياتها في القطاع، يوضح أن "التجارب السابقة التي مر بها الشعب الفلسطيني تجعل حالة الشك قائمة"، مدللا على ذلك بأن السلطة لم تلغ بعد إجراءاتها تجاه غزة.
ومن جهة ثانية، يقول الصواف، إن حكومة الحمد الله يجب أن تعتز بسلاح المقاومة، مردفا: "نحن شعب لا يزال تحت الاحتلال وأراضينا محتلة، وشعبنا مهجر وهذا الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة ولذلك على الجميع أن يحترم المقاومة".
"حوار وطني جامع"
وسألت صحيفة "فلسطين" المحلل السياسي طلال عوكل، عن المطلوب من حكومة الحمد الله القيام به تجاه غزة. ويجيب: "قبل أن تصل حكومة الحمد الله إلى غزة، كان من المفروض أن يكون هناك قرار بوقف والتراجع عن الإجراءات العقابية التي اتخذت بحق قطاع غزة".
ويوضح عوكل أن أمام حكومة الحمد الله مهمات عليها أن تقوم بها، وفق صلاحياتها، لكنه يتساءل: "كيف ستمارس (الحكومة) مسؤولياتها بدون أن يكون تم الاتفاق على معالجة القضايا من نوع مسألة الموظفين والأمن والمعبر، وكيفية التعامل معها فهناك قضايا محددة كان لا بد أن يتم الاتفاق حولها".
وردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة ستتولى مسؤولياتها في القطاع بخلاف ما كان عليه الحال سابقا، يقول: "برأيي هذه المرة أيضًا ستكون صعبة، ما لم يسبق كل شيء حوار وطني جامع لبناء شراكة عميقة حقيقية مقنعة".
ويتابع: "هذه بطبيعة الحال تتم من خلال الانتخابات ولكن في طريقنا إلى الانتخابات نحتاج إلى أن نقدم نماذج للشراكة من خلال التوافق أولا على خارطة طريق لكيفية معالجة المشكلات".
ويرى أيضًا ضرورة الاتفاق على "أفق سياسي معين بين الكل"، متمما: "من الضروري أن يكون هناك حوار لمعالجة كل ما تبقى (من قضايا) حتى يمكن تنفيذ اتفاق 2011".
يشار إلى أن حماس أكدت استعدادها لتلبية الدعوة المصرية للحوار مع حركة فتح، حول آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في إطار حوار تشارك فيه كافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق 2011.
ومن المنتظر أن تكون الأيام المقبلة كفيلة بالإجابات عن تساؤلات الغزيين، الذين ينتظرون من حكومة الحمد الله أن تؤدي إليهم حقوقهم تماما كما هو الحال مع المواطنين في الضفة الغربية.