ما زال إطلاق النار على الحدود المصرية الفلسطينية، وسيبقى إلى وقت ليس قصيرًا، مصدر انشغال الاحتلال، أهمها أن المنطقة الجنوبية التي تضم بجانب قطاع غزة، شبه جزيرة سيناء، تشمل الكثير من التحديات والتهديدات الأمنية، مما يضع قيادة أمام الاحتلال مسؤوليات خطيرة لم تكن مدرجة خلال السنوات الماضية.
لا يخفي الإسرائيليون أنهم حريصون، رغم عملية الحدود، على توثيق العلاقات الأمنية مع المصريين كجزء من القتال ضد "التهديدات المشتركة" في سيناء، بما فيها تعليمات إطلاق النار، في ضوء التقدير السائد بأن هذه المنطقة الحدودية الحساسة لا تزال بدون حكم وسيطرة، رغم ما يستثمره الجيش المصري من قوة وموارد، كجزء من أنشطته الأمنية المستمرة، ولذلك بقي القلق الإسرائيلي الأكبر على الحدود يتمثل بهجوم عناصر مسلحة يعبرون الخط الحدودي داخل فلسطين المحتلة، وهو ما تم فعلًا في العملية الأخيرة.
كشف إطلاق النار على الاحتلال عند مثلث الحدود المصرية الفلسطينية المحتلة، عن توفر جملة من سيناريوهات عسكرية تتمركز في الجبهة الجنوبية، وبالنظر لمواقع الأهداف المسلحة قرب المستوطنين والمرافق الحساسة، يقدر الاحتلال أن حربه ضد العناصر المعادية بهذه المنطقة، وإن لم تكن منظمة، فقد تأتي بثمن غير مسبوق، وسيكون حجمها ضخمًا، وقد تكون العملية التالية أكثر مرارة، وأكثر تكلفة من نواحي كثيرة، وهذا جزء من التحديات الماثلة أمام القيادة الجنوبية.
كما يتابع أمن الاحتلال ما تشهده هذه الجبهة الجنوبية، التي قد يطالها مزيد من التوتر، من تحديث على جمع المعلومات الاستخبارية والحرب الإلكترونية، ومن ذلك وضع البلالين الأمنية ذات الأغراض المعلوماتية، لأنها ترصد مئات الأميال، وحققت نجاحات كبيرة بمهمتها رغم بعدها الكبير جدًا عن المواقع العسكرية، حتى أن الاحتلال استثمر كميات كبيرة من الأموال لإبقائها في الهواء سنوات عديدة، مما يؤدي لاستنتاج أنها قامت بعمل جيد على المدى البعيد.
لا يتردد الاحتلال بين حين وآخر في كشف النقاب عن جهود أمنية وعسكرية يبذلها لمنع تواجد وبقاء العناصر المعادية له على الحدود المصرية الفلسطينية، أو داخلها، دون إعطاء مزيد من التفاصيل، لكنها تشمل الجهود المكثفة لمنع إقامة نقاط ارتكازية للقوى المعادية، مما يعني أننا أمام سر مكشوف، وليس جديدًا، رغم أن الاحتلال لا يتكلم عنه كثيرا.
التخوف الاسرائيلي أنه رغم الجهود المبذولة من قبل الاحتلال، فإن العديد من الجهات تحاول العثور على موطئ قدم لها هنا في هذه المنطقة الحدودية، الأمر الكفيل بأن يشكل تهديدا أمنياً عليه، من جبهة جديدة لم تكن مدرجة في الحسبان إلى أمد قريب!