تواصل دولة الاحتلال افتعال المزيد من المشكلات مع دول العالم منذ تشكيل حكومتها اليمينية الحالية، وآخرها التوجهات الجارية لإقرار قانون جمعيات المجتمع المدني، قبل تجميد بحثه، وحصولها على تمويل من الحكومات الأجنبية، ما دفع بالدول الأوروبية للاعتراض على القانون، وبدء الاتصال بحكومة الاحتلال لمنع إقراره، في حين بدأ مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية بفحص الطلبات المقدمة من عدد من الدول.
مع أن عددًا من السفارات الأوروبية في (تل أبيب) أدانت الترويج لمشروع القانون الخاص بالجمعيات الأهلية، وبعبارات متطابقة تقريبًا، في حين غرّد سفراء بلجيكا والنرويج وأيرلندا والسويد بأن مشروع القانون مثير للقلق، مؤكدين مواصلة إثارة القضية مع الإسرائيليين، مع أن مشروع القانون يسعى إلى فرض ضرائب على التبرعات التي تأتي من الحكومات الأجنبية للمنظمات المدنية في دولة الاحتلال.
يهدف مشروع القانون إلى تقليص مشاركة الحكومات الأجنبية فيما يحدث بدولة الاحتلال، ومنع التبرعات التي تذهب إلى المنظمات اليسارية، ما دفع الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا ودولًا أخرى للاتصال بالأيام الأخيرة بمسؤولين كبار بدولة الاحتلال بعد الترويج للقانون، ودفع برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتأجيل القرار بشأن مشروع القانون بضعة أسابيع.
مع العلم أنها ليست القضية الوحيدة التي تقلق دول العالم فيما يتعلق بدولة الاحتلال، وآخرها إدانة العلاقات الخارجية الأوروبية لقرارها السماح بإعادة توطين بؤرة حومش الاستيطانية، والموافقة على بناء ستة آلاف وحدة سكنية بمستوطنات غير شرعية بالضفة الغربية.
تجدر الإشارة أن مشروع القانون ينصّ على أن الجمعية الإسرائيلية التي تتلقى تبرعًا من حكومة أجنبية لن يتم الاعتراف بها كمؤسسة عامة، أو غير ربحية، وستخضع لضريبة بنسبة 65٪ على دخلها، ولن يحق لمانحيها الحصول على ائتمان ضريبي.
في الوقت ذاته، فإن هذه الجمعيات الأهلية تتهم الجهات الإسرائيلية الساعية إلى إقرار القانون بأنها تهدف إلى إلحاق الضرر بها، وأنه يتماهى في الحرب على اليسار، والنضال ضد الاحتلال، ومعارضي الانقلاب القانوني، مع أن مشاريع قوانين سابقة ظهرت في الماضي، لكنها تعثرت مرارًا وتكرارًا بسبب الضغط الدولي على دولة الاحتلال.
تتزامن هذه الأزمة الإسرائيلية مع المجتمع الدولي مع نتائج آخر استطلاع للرأي أجري بين اليهود في الولايات المتحدة، وأظهر أن 25 بالمئة منهم يعتقدون أن (إسرائيل) دولة فصل عنصري، و22 بالمئة يعتقدون أنها ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، ما شكل انتكاسة لصورتها لدى هذا الجمهور، وهذه النتائج السلبية تضاف إلى ما تشهده جامعات غربية وأمريكية تجري فيها أنشطة مناهضة للاحتلال، ما يزيد عدد المعادين له، وتراجع من يتعاطفون معه لصالح الفلسطينيين.