فلسطين أون لاين

​موسم أسماك "مبشّر" في غزة رغم الحصار الإسرائيلي البحري

...
غزة - نور الدين صالح

حين حطت قدما الصياد مفلح أبو ريالة على شاطئ البحر بعد عودته من رحلة صيد دامت عدة ساعات، عاد بفرحة افتقدها منذ سنوات طويلة، بسبب التضييق وسوء الأحوال التي مر بها من جهة، والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع برا وبحرا وجوا من جهة أخرى.

فبعد طول انتظار، يحقق الصياد أبو ريالة بعضاً مما تمناه منذ بدء الحصار المفروض على القطاع قبل 11 عاما، الذي اعتاد خلاله على التقاط جزء يسير من "صيد الأسماك" تحت نيران رشاشات الزوارق الحربية الإسرائيلية.

ولم يُخفِ الأربعيني فرحته بما رأت عيناه حينما حطّت شبكته كميات كبيرة من الأسماك، مع انطلاق موسم الأسماك الذي يبدأ في شهر سبتمبر الحالي، ويستمر حتى نهاية العام.

ويقول أبو ريالة لمراسل صحيفة "فلسطين"، إن الموسم الحالي يشهد كميات كبيرة من الأسماك المتوفرة حالياً مقارنة مع المواسم السابقة، واصفاً إياه بـ "الموسم المبشر منذ انطلاقته".

ويوضح أن أسماك "السردينة والغزلان" تغزو شواطئ غزة في الوقت الراهن، وتعتبر هذه الأيام "الموسم الذهبي لها"، وفق قوله.

ويأمل أبو ريالة أن يستمر الموسم على هذه الشاكلة وأفضل، وعدم وجود معيقات إسرائيلية تواجه الصيادين خلال رحلاتهم اليومية.

وإزاء ما سبق، فإن مراسل "فلسطين" توجه إلى "حسبة السمك" في أحد أسواق القطاع، ولاحظ كميات الأسماك "الأفضل حالاً" من المواسم السابقة، حيث تتناثر الصناديق المخصصة للأسماك الممتلئة هنا وهناك، بالإضافة إلى تواجد عدد كبير من المواطنين.

ويبدو أن الموسم الحالي يحمل في جعبته الكثير من المفاجآت السارة للصيادين والمواطنين في قطاع غزة، وذلك بتوفر كميات وفيرة من الأسماك، تكفي لسد احتياجات السكان.

خلال تلك الجولة، اقتربنا من أحد باعة الأسماك ويُدعى "أبو هاني"، حيث يجلس خلف صناديق الأسماك الممتلئة بالأسماك، وقد ارتسمت على ملامحه علامات السعادة التي غابت عنه في عدة مواسم سابقة.

ويؤكد أبو هاني في العقد الرابع من عمره، أن الأسماك متوفرة بشكل أفضل من الأعوام السابقة، وتغطي احتياجات السكان، مشيراً إلى أن القطاع صدّر بعض الكميات الأخرى للضفة.

ويضيف الأربعيني، أن المعيقات التي تواجه الصيادين خلال الصيد ما زالت قائمة، في ظل استمرار الحصار البحري، ومضايقات الزوارق الحربية للصيادين ومراكبهم.

وفيما يتعلق بالأسعار، فقد وصفها بـ "المناسبة" وتتلاءم مع الأوضاع المعيشية والاقتصادية لقطاع غزة، حيث يصل سعر كيلو "السردينة" إلى 15 شيقلاً، فيما يبلغ سعر كيلو "الغزلان" قرابة 17 شيقلاً، "وهي أسعار أقل بشكل ملحوظ من الأعوام السابقة"، وفق قوله.

وعلى بُعد عدة أمتار وبين جموع المواطنين هناك، وصلنا إلى بائع آخر يُدعى أبو يوسف درويش، والذي يتفق بعض الشيء مع سابقه.

ويوضح درويش صاحب الثلاثين عاماً، أن العام الحالي يشهد تحسناً "طفيفاً" في توفر كميات الأسماك خلافا للأعوام السابقة، مستدركاً "لكن أوضاع المواطنين صعبة هذه الأيام".

ويقول "نستبشر خيراً بأن يكون الموسم الحالي أفضل من سابقه، خاصة بعد الكميات التي عمّت الأسواق اليوم"، لافتاً في الوقت ذاته إلى انخفاض أسعار الأسماك وملاءمتها لجميع المواطنين، وفق تعبيره.

وتنتهز المواطنة أم إياد - اكتفت بهذا الاسم- الفرصة لشراء ما يلزم عائلتها من الأسماك، في ظل انخفاض أسعارها، كونها لا تستطيع شراءه في كثير من أيام السنة، نظراً لسوء أوضاعهم المعيشية.

وتعتبر الأربعينية السمك بأنه "فاكهة موسمية" يدق أبواب بيتها في أيام معدودة، عند انخفاض سعره، وملاءمته للأوضاع الاقتصادية التي تعيشها، لا سيما أن زوجها يعمل في مهنة لا تدر عليهم الدخل الكثير.

يذكر أن صيادي غزة يتعرضون لانتهاكات واعتداءات بشكل يومي من زوارق الاحتلال، الأمر الذي أدى إلى تدهور مواسم الأسماك، وألقى بظلاله السلبية على أصحاب تلك المهنة.

ونصّت اتفاقية أوسلو التي وقعت بين السلطة والاحتلال عام 1993م على السماح للصيادين بالعمل في مسافة 20 ميلًا بحريًّا، التي يتوافر فيها الصيد الوفير، ولكن الاحتلال قلّص على مدار سنوات الحصار الماضية المسافة تدريجيًّا لتصل لـستة أميال بحرية، تحت حجج أمنية واهية.