احتفل رئيس السلطة محمود عباس، وحسين الشيخ، بالذكرى الـ(٥٩) لتأسيس منظمة التحرير. الأول رئيس المنظمة، والثاني أمين سرّ اللجنة التنفيذية للمنظمة بتعيين الأول له. الاحتفال جاء من خلال تصريحات إعلامية تضمنت مفاهيم كبيرة، منها: أن المنظمة حمت المشروع الوطني من الضياع، وأصبحت البيت السياسي والمعنوي والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأشاد كلاهما بأحمد الشقيرى -رحمه الله- بصفته المؤسس للمنظمة.
والسؤال في ضوء هذه المعاني الكبيرة: لماذا احتفل هو وحسين الشيخ ولم يحتفل الشعب بهذا الحدث الكبير؟! السؤال لا يهدف إلى التقليل من منظمة التحرير وأعمالها الإيجابية على الصعيد الوطني في فترة التأسيس وما بعدها حتى اتفاق أوسلو المشؤوم. السؤال يهدف إلى القول إن الشعب في ٢٠٢٣م لم يحتفل بالمنظمة لأنه لا يشعر بها، ومن شعر منهم بها وتعمقها وجدها فارغة المضمون، ومختلة البنيان؛ لأنها الآن شكل بلا روح، والسبب في ذلك يرجع بشكل رئيس لمن يحتفلون بها اليوم ذرًا للرماد في العيون، إذ هم الذين أفرغوها من مضمونها باتفاق أوسلو، ثم برفض إصلاحها وترميم بنيانها.
يقولون: "قتل القتيل ومشى في جنازته"، هذا قول مأثور عند الفلسطينيين، وهو يصدق على من قتلوا المنظمة، وهم يحتفلون الآن بذكرى تأسيسها، ويزعمون أنها البيت السياسي والمعنوي للشعب وقواه السياسية، في حين أن الواقع الذي خلقوه يقول عكس ذلك، إذ جعلوا ميراث المؤسس حكرًا على حركة فتح، ثم حكرًا على رئيسها يتصرف فيه بمزاجه هو، لا بحسب قانونها المؤسس لها، بل إن رئيسها الحالي بددها، ودفن معاني تأسيسها، هو يمنع إصلاحها، ويحرم حماس والجهاد وآخرين من دخولها بذرائع مختلفة لاستبقاء سيطرته وسيطرة فتح عليها.
إن من يحترم منظمة التحرير عليه أن يحترم فلسفتها، ودستور تأسيسها، وإذا ما أصابها خلل أو عطب بادر هو بإصلاحها، عند ذلك فقط يحق له الاحتفال بها في ذكرى تأسيسها، ودون ذلك لا يكون لاحتفاله الإعلامي معنى، ولا مغزى، لذا لم يحتفل الشعب الفلسطيني مع محمود عباس وحسين الشيخ. الشعب يريد منظمة أحمد الشقيري المؤسس، ولا يريد منظمة عباس التي تنكرت للمؤسس، ولفلسفة التأسيس.