فاز أنصار حركة المقاومة الإسلامية حماس في انتخابات الطلبة في جامعتي النجاح وبيرزيت التي أجريت مؤخرًا في الضفة الغربية. الحركة أشادت بذلك الفوز، وعدته انتصارا والتفافا حول النهج المقاوم، وعندما فازت حركة فتح في انتخابات سابقة هي أيضا أشادت، وعدته التفافا حول منظمة التحرير ومشروعها.
لو عدنا إلى كل الانتخابات التي أجريت سابقا ولاحقا لوجدنا جميع المتنافسين يرفعون شعارات المقاومة، ويستحضرون بطولاتهم ضد الاحتلال على مر التاريخ، ولم يحدث أن رفعت صور توقيع اتفاقية أوسلو في واشنطن باعتبارها إنجازا تاريخيا وأساس "المشروع الوطني" الذي تتغنى به منظمة التحرير، بل ترفع صور الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال، وهذا دليل على أن التفاخر عند الشباب الفلسطيني لا يكون إلا بالمقاومة والنضال الفلسطيني، لأن تلك هي الفطرة السليمة للغالبية العظمى من شباب فلسطين، بغض النظر عن انتماءاتهم، وهذا يعني أنه في الانتخابات الجامعية هناك إجماع تام على رفض اتفاقية أوسلو، كما أن أنصار فصائل منظمة التحرير من الطلاب يرفضون الاعتراف بأن أوسلو تعني التخلي عن ثلاثة أرباع فلسطين، وأنهم متمسكون بكل شبر من فلسطين من البحر إلى النهر، وقد سمعنا من بعض قيادات منظمة التحرير أنهم أصبحوا ضد اتفاقية أوسلو المشؤومة.
إن اهتمام المجتمع الفلسطيني بانتخابات مجالس الطلبة لأنها تمثل استطلاع رأي يظهر الحجم الحقيقي للفصائل بنسبة 80%، ولو اختلفت الظروف لارتفعت نسبة المشاركة، فلا يعقل أن يمتنع 7 آلاف طالب عن التصويت في انتخابات جامعة النجاح دون سبب، هناك نسبة امتناع طبيعية، ولكن ليس إلى هذا الحد وفي هذه الظروف، ولا يمكن أن تكون غالبية المتغيبين مؤيدة لفصائل منظمة التحرير لأن المشاركة لديهم شبة إجبارية. مراكز استطلاع الرأي في فلسطين غالبيتها إن لم نقل جميعها تنقصها الشفافية والنزاهة ولا يمكن الوثوق بها، كما أن الانتخابات النقابية لا تعطي النتائج الحقيقية والأسباب معروفة ولا داعي لذكرها، وإن أردتم الدليل على أن مراكز الاستطلاع لا تعطي إلا نتائج مفبركة حول قوة كل فصيل وتيار في الساحة الفلسطينية يمكنكم الرجوع إلى كل استطلاعات الرأي ومقارنتها بنتائج الانتخابات التي تليها، بدءا من انتخابات المجلس التشريعي الثانية إلى انتخابات جامعة بيرزيت الأخيرة، سوف نجد التفوق الدائم لفصائل منظمة التحرير على التيار الإسلامي، رغم أن بعض تلك الفصائل لم تحصل على نسبة حسم في انتخابات الطلبة، وبعضها يبدو أنه فضل الانسحاب من انتخابات بيرزيت بعد خسارته الفادحة في انتخابات جامعة النجاح.
كثيرون علقوا على نتائج انتخابات جامعتي النجاح وبيرزيت، ومنهم من قال إن نجاح الكتلة الإسلامية دليل على فشل العدو في اجتثاثها، ودليل على التفاف الشعب حول خيار المقاومة، وهذه وجهة نظر صحيحة، وخاصة أن ما ترفعه الكتلة من شعارات ما هو إلا ترجمة حقيقية وواقعية لما يحدث على الأرض، وقد سعدت عندما سمعت أن هناك توجهًا للسماح بإجراء انتخابات في كل الجامعات في قطاع غزة، وأتمنى أن يتحقق ذلك في أسرع وقت، ولا حاجة للانتظار أكثر من ثلاثة أشهر، كما نتمنى أن تسارع منظمة التحرير إلى إنجاز المصالحة وتوحيد الصف الفلسطيني وإعادة تأهيل المنظمة بالتوافق إن أوجس قادتها خيفة من إجراء الانتخابات وما قد تسفر عنه من نتائج.