أسبوع كامل مرّ على انتهاء العدوان على غزة، وسط شكوك متصاعدة في أوساط دولة الاحتلال بأننا أمام عملية عسكرية جديدة، وعلى نمط العمليات العسكرية البطيئة السابقة الموجهة ضد أهداف ذات أهمية متوسطة في الساحة الفلسطينية، وبمستوى كثافة منخفض إلى متوسط، بحيث إذا اختار الاحتلال جولة قتالية فإنه سيسعى لإضعاف الطرف المقاوم في وقت قصير، دون ضمان نجاحه بذلك.
وخلافًا لتصريحات الاحتلال المتعاقبة عشية انتهاء العدوان، فمن الصعب الادعاء بأن الاحتلال أوجد "معادلة جديدة" ضد المقاومة، باستثناء بداية العدوان الذي عدَّ مناورة احتيالية ومبادرة هجومية وتنفيذًا دقيقًا لاغتيال القادة الثلاثة فجر الثلاثاء قبل الماضي، بالرغم من وجود مزاعم اسرائيلية بأنها لم تكن تستدعي استدراج عملية طويلة تزيد عن ساعات معدودة فقط، لكنه فشل في تحقيق ذلك بعد أن طالت العملية لخمسة أيام تسببت في إحداث شلل واسع في الكيان.
في الوقت ذاته، فإن العدوان الأخير لم يكشف أخبارًا جديدة، لأن الاغتيالات الكبيرة شائعة في العمليات العسكرية، بالرغم من أن الاحتلال طال هذه المرة عددًا لا بأس به من خيرة قيادات المقاومة، بجانب تركيز الجيش على مدار الأيام على ضرب ما يدّعي أنها منصات الإطلاق، وتدمير منازل المقاومين، دون أن يعني نجاح الاحتلال في تحقيق أهدافه المتمثلة بفرض الاستسلام عليهم.
في المقابل، فإن الاحتلال زعم أنه استخدم إطلاق نار بمعدل منخفض نسبيًا، بدافع الرغبة بالتوصل لوقف لإطلاق النار في مرحلة مبكرة من العدوان، ما يعني أن الجيش سعى لتقويض الاستقرار في قطاع غزة، مع اتباع نهج "فرّق تسد"، وهو ما أثبت فشله الذريع في ذلك، بجملة التصريحات الصادرة عن قيادة المقاومة، فضلًا عن السلوك الميداني الذي تمثل في إسناد المقاتلين لبعضهم بسير عمليات القتال، وهو ما اعترفت به الأوساط الإسرائيلية، ولو على استحياء، خشية توسيع رقعة المواجهة.
بدا لافتًا صدور دعوات إسرائيلية بضرورة أن يمارس الجيش عدوانه بوحشية أكبر، على صيغة هدم الأبراج السكنية، وقتل المئات، وتدمير عشرات المنازل، مع تفعيل معدل إطلاق نار عالٍ، بهدف تجميع العديد مما يمكن وصفها "الإنجازات" العملياتية، وفي وقت قصير، بأسلوب "صاحب البيت أصيب بالجنون".
الخلاصة الاسرائيلية أن الاحتلال قام الشيء نفسه الذي قام به في عمليات سابقة، وقد يكررها في مرات لاحقة، وهي نفس العدوانات البطيئة المستهدفة ضد أهداف خطيرة الأهمية، والنتيجة من الناحية العملياتية ضياع فرصة لتحقيق "إنجاز" إستراتيجي، ولو ضئيل، بل السعي لتحقيق هدف متواضع خاص، يتمثل باستعادة الردع المتآكل.