تعيش مدينة القدس تحديات خطيرة في وجود الانتهاكات الصهيونية بحق المسجد الأقصى المبارك، التي تعد استمرارًا لمشروع التهويد ومحاولة فرض التقسيم الزماني والمكاني من خلال الاقتحامات المستمرة للمستوطنين، ولكن أمام ذلك كله تكون الكلمة الحقيقية في مواجهة أباطيل زيف الرواية الصهيونية هي كلمة البندقية وخيار المقاومة الذي برز في معركة سيف القدس دفاعا عن المسجد الأقصى، وما زالت المقاومة متمسكة بخيار الدفاع عن أشرف وأقدس قضية لدينا، وهنا أذكر ما نشره اللواء الصهيوني المتقاعد إيال بن رؤوفين في صحيفة معاريف أن "مسيرة الأعلام في القدس من شأنها خلق وضع تستطيع الجماعات المسلحة استخدامه لتعبئة الروح المعنوية من الخارج والداخل، إنه شيء يمكن أن يجلب حماس وحزب الله وعرب الداخل المحتل".
وأمام هذه المعطيات يبقى المسجد الأقصى يواجه مرحلة حرجة جدًا، نتيجة انتهاكات الاحتلال الصهيوني، حيث يسعى الاحتلال لفرض سيطرته وتغيير واقع المسجد الأقصى المبارك، ومن هنا حرص الشعب الفلسطيني على الدفاع عن هذه البقعة المقدسة، والتصدي لمحاولات الاحتلال التي تستهدف تغيير الواقع الإسلامي للمسجد الأقصى من خلال الدعوات المستمرة للرباط فيه، كما تشكلت معادلة جهادية في الساحات والجبهات المعادية للإرهاب الصهيوني سواء فلسطينياً في الضفة وغزة والداخل الفلسطيني المحتل ووصولاً لمحور المقاومة الذي أكد أن القدس ذروة سنام الأيديولوجية الجهادية التي يتبناها محور المقاومة.
وفي ظل هذه الأحداث الخطيرة من دعوة جماعات الهيكل المزعوم وتبجح الحكومة الصهيونية وقيادتها بأن مسيرة الأعلام ستستمر في مسيرها نحو المسجد الأقصى وهنا تتحمل الأمتان العربية والإسلامية مسؤولية كبيرة في الدفاع عن المسجد الأقصى ومنع تغيير واقعه الإسلامي، إذ يجب أن تكون هناك تحركات فعلية وإجراءات تجاه الاحتلال الصهيوني للحفاظ على المسجد الأقصى وحرمته.
لقد ثبت لدى شعبنا على امتداد مسيرته الجهادية أن معركة ثأر الأحرار شكلت انتصاراً للدم على السيف، وأن المواجهة مع الاحتلال الصهيوني مفتوحة حتى تحرير فلسطين، ومن هنا فإن خيار البندقية والمقاومة سيحقق مراميه، وستنجح مساعيه بصدق الأوفياء ودماء العظماء التي شكلت أيقونة لمرحلة الدفاع عن المسجد الأقصى، وهو ما تخشاه الدوائر الأمنية الصهيونية وكشفه الإعلام العبري، حيث قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت": إن الأجهزة الأمنية داخل دولة الاحتلال تستعد لعدة سيناريوهات من الاضطرابات ومحاولة القيام بها، واندلاع الهجمات وإطلاق الصواريخ من قطاع غزة، ونشر الجيش الصهيوني أيضاً منظومة القبة الحديدية في القدس المحتلة، تخوفا من احتمالية إطلاق صواريخ على مواقع الاحتلال في المدينة في أثناء مسيرة الأعلام.
وفي ضوء ذلك يجب على أهلنا في الضفة والداخل المحتل والقدس أن يتحدوا ويقفوا صفًا واحدًا في مواجهة مسيرة الأعلام الصهيونية، ويدرك الجميع الخطر الذي يمر به المسجد الأقصى وأهميته الدينية والثقافية، وفضح محاولات الاحتلال لتغيير التركيب الديموغرافي في منطقة القدس بشكل عام.
كما هو معلوم فإن هناك تواطؤًا من الإعلام الغربي واللوبي الصهيوني برسم وشايات وأباطيل عن حقيقة الصراع على أرض فلسطين، ومن هنا يجب أن يكون هناك المزيد التوعية والإحاطة بالحقائق المتعلقة بالتهديدات التي يتعرض لها المسجد الأقصى وشعبنا هناك، ولا بد من دعم الفعاليات والحملات التي تسعى لحماية المسجد الأقصى رسمياً وشعبياً عربياً وإسلامياً لكشف زيف ذرائع الاحتلال ومستوطنيه وإرهابهم المستمر، وهنا أستذكر قول المفكر المصري الكبير عباس محمود العقاد: "إذا كذب الساسة وانخدع المسوسون لم تكذب الجغرافيا ولم ينخدع التاريخ"، وكأنه يتكلم عن ازدواجية المعايير التي يتبناها الساسة الغربيون التي نلاحظها اليوم حين التحدث عن الصراع في أوكرانيا، أما الاحتلال الإجرامي الصهيوني المستمر منذ ما يزيد على 75 عامًا فيسود صمت مطبق في شطط عن الحق ورعونة ووحشية يكشفها الصمت الدولي على الاستيطان ومسيرة الأعلام.
في النهاية تتطلب حماية حرمة المسجد الأقصى التحرك بطرق فعالة وقوية، لدعم حق شعبنا والحفاظ على القدس والاستجابة لصرخات المسجد الأقصى بإجراءات عملية لإنقاذ هذه المكانة المحورية، وما زال سيف القدس مشرعًا.