أقامت حكومة "نتنياهو- بن غفير" الحرب الأخيرة على قاعدتين: الأولى: الضربة المفاجأة، بغرض إيقاع خسائر بشرية ذات مغزى، وإحداث صدمة للمستوى القيادي في الجهاد الإسلامي. والقاعدة الثانية: الاعتماد على المعلومات الأمنية عن المكون العسكري القيادي للجهاد الإسلامي، وهي معلومات تراكمية محدثة وفرها جهاز الشباك وشبكة العملاء ومتابعة الطائرات المسيرة ساعة بساعة.
المفاجأة لا تعدّ أمرًا جديدًا أو مدهشًا، إذ يمكن للمقاومة أن تقوم يومًا بضربة مفاجئة للعدو حين تقرر ذلك، أو حين ترى مناسبًا لها. كانت ضربة العدو المفاجأة ذات مغزى بقتل ثلاثة من قيادات الجهاز العسكري، ولكنها لم تحدث الصدمة المطلوبة إسرائيليًا، فقد استجمع الجهاز العسكري نفسه، ورد على المباغتة بقصف عميق وصل إلى تل أبيب ورحفوت وسط دولة الاحتلال.
أما قضية جمع المعلومات التي هي قاعدة أساسية في معارك العدو مع غزة، وهي قاعدة لدى جميع الدول، فإن هذه القضية تحتاج من فصائل المقاومة إلى مراجعة عميقة ذات مغزى لحرمان العدو من هذه الميزة في ضوء تفوقه التكنولوجي، والاستخباري، وانكشاف ساحة غزة لوجستيًا، وضيق مساحتها جغرافيًا.
إن المعارك مع العدو لا تقف عند هذه المعركة والعودة للتهدئة، إذ لا يزال العدو يرى أنها جولة، وأن الجولة القادمة مسألة وقت، وهذا الأمر معلوم لدى قادة المقاومة، ولأن الأمر كذلك وجب أخذ الحذر، وإحداث المراجعات دوريًا، لأهمية المراجعات الأمنية، ولأن آليات عمل المخابرات تتجدد ولا تنتهي ولا تقف عند آلية واحدة.
إن تفوق العدو في المعلومات الأمنية لا يمنحه اليد العليا دائمًا إذا تحلت قيادة المقاومة باليقظة المستمرة، ولم تغفل أي شاردة أو واردة، ووضعت خططًا مضادة، على قاعدة أن لكل داء دواء، ولكل عدو نقطة ضعف، النصر والغلبة قرينة الإيمان قبل قرينة المعلومات، والعدو فاقد للإيمان، بل هو متمرد على الله، والله خاذله لا محالة، ولكن على المقاومة الأخذ بالأسباب بعد الإيمان، اللهم ارحم شهداء شعبنا، وارحم شعبنا والمسلمين قاطبة.