لكل معركة طبيعتها ومميزاتها، فلا تتكرر المعارك وكأنها نسخ كربونية، التشابه موجود، والتماثل غير موجود، وهذا ينطبق على معركة (ثأر الأحرار) التي بدأت في (٩) مايو، وتوقفت في مساء (١٣) مايو ٢٠٢٣م، ومعركة (سيف القدس).
الجديد في هذه المعركة من خلال قراءة الأداء الفلسطيني يكمن في قيادة (الغرفة المشتركة) للأعمال العسكرية والأمنية، وجل ما يتعلق بالجانب الإعلامي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تحمّل الجهاد الإسلامي تبعات المعركة بشكل أو بأخر، من خلال اتفاق مكونات الغرفة المشتركة.
هذا التكتيك التوافقي يحتاج لقراءة معمقة لأخذ الدرس والعبرة، وتحفيزًا للفكر والبحث أرى أن هذا التكتيك كان ناجحًا في جوانب مهمة منها:
١- إحباط محاولات العدو زرع الفتنة بين فصائل المقاومة، وردًا على نظرية (فرق تسد) التي حاول العدو جاهدًا على زرعها في الساحة الفصائلية، الفصائل مدّت الحبل للعدو، ولفته على رقبته، من خلال الوهم الذي تخيله، وحرمته من التراجع السريع عن أوهامه، ويلاحظ أنه في اليوم الأخير بدأ العدو يتراجع ويتهم حماس بالمسئولية، وبالمشاركة غير المباشرة.
٢- تكتيك الغرفة المشتركة عبّر عن ذكاء قيادي في إدارة المعركة، وحقق للفصائل هدفين أساسيين:
الأول- استنزاف العدو من خلال دعم الجهاد الإسلامي بكل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف الفلسطيني.
والثاني- تقليل خسائر غزة المادية، لأن العدو اعتاد في معارك سابقة على تدمير مقرات الحكومة والشرطة، وتوسيع بنك الأهداف.
٣- تكتيك الغرفة المشتركة حرم العدو من النجاح في ترميم القدرة على الردع، لأن هذه المعركة فشلت في تحقيق هذا الهدف، وهي نتيجة أقرّ بها قادة العدو، وكتاب الصحف العبرية، بل إن الردع تراجع في هذه المعركة، لأن فشل العدو هذه المرة كان أمام فصيل واحد، فكيف لو دخلت للمعركة حماس والفصائل الأخرى؟ وهو قول تردد في أوساط عبرية.
٤- في معركة (سيف القدس) أصابت صواريخ المقاومة أهدافًا في تل أبيب والقدس، وفي هذه المعركة (ثأر الأحرار) أصابت الصواريخ أهدافًا في القدس وفي بيت لحم وتل أبيب، يعني ما خرج العدو لمنعه، فشل في تحقيقه.
٥- كان العدو يعول على القبة الحديدية، وعلى مقلاع داود في ترميم حالة الردع الهابطة، فتجاوزتها صواريخ المقاومة بأمر الله، وكشفت عيوب المنظومتين، الأمر الذي زعزع ثقة السكان بها داخليًّا، وزعزع ثقة دول خارجية كانت تفكر في شراء هذا السلاح من العدو.
هذه مقاربة من الخارج لتكتيك الغرفة المشتركة، وأحسب أن من كان في الغرفة من القادة هم أقدر على تقييم هذه التجربة، ونشر ما يمكن نشره مما له فائدة للمجتمع الفلسطيني، وهو أمر تحتاجه القيادة على وجه السرعة لقطع ذيل المرجفين ممن يزرعون الفتن.