قدمت حركة حماس للرئيس عباس هدية كبيرة لدى وصوله إلى نيويورك للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعلان حل اللجنة الإدارية وتوفير كل الأجواء لقيام الحكومة بمسؤولياتها في غزة، بل بادر رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية للاتصال الهاتفي بالرئيس في خطة دعم أكبر أمام المجتمع الدولي.
رغم ذلك فإن الرئيس وحركة فتح لم يقدموا على خطوة واحدة تطمئن الشارع الفلسطيني أن عجلة المصالحة دارت حتى ولو عرجاء، وما زال موقفهم مرتبكًا!
أتمنى أن يركز الرئيس في خطابه اليوم الأربعاء على موقف فلسطيني موحد وذكي، وأن يلغي من خطابه أي إشارات للخلافات والانقسام والطعن في حماس أو غيرها لكسب ود الأمريكيين، وألا يعود لمصطلحات الانقلاب والميليشيات وغيرها، بل الحديث بلغة وحدوية قوية تعزز المصالحة والوحدة وكفاح شعبنا.
أول المسائل أهمية التأكيد أن الاحتلال لم ينتهِ وباقٍ رغم تنفيذ اتفاق أوسلو الملعون لكن الاحتلال لم يفِ بأي من التزاماته، ومطالبة الأمم المتحدة بتطبيق قراراتها التي اتخذتها بشأن القضية الفلسطينية حتى نطمئن قليلًا بوجود عدالة على هذه الأرض.
ولأن معركة القدس مستمرة لم تنتهِ فهي الأولى بالحديث عنها وعما يجري من مصادرة الأرض والاستيطان والتهويد، وطرد الشعب الصامد من أرضه ومقدساته التي قد يفجرُ استمرارُ تدنيسها المنطقةَ في أية لحظة!
لا تنسَ سيادة الرئيس الأسرى في سجون الاحتلال، واللاجئين المشتتين في بقاع الأرض، ولا تنسَ غزة الصامدة المحاصرة دون كهرباء ودواء، والضفة الجريحة المستباحة من الاحتلال ومستوطنيه.
أذكّر الرئيس الفلسطيني أن الرئيس الأمريكي ترامب لم يذكر القضية الفلسطينية بشطر كلمة في خطابه متجاهلًا كل ما قدمته السلطة الفلسطينية من أجل أوهام التسوية وحل الدولتين الذي انتهى، وبناء عليه أتطلع من الرئيس إلى قرار جريء بإلغاء اتفاق أوسلو على منصة الأمم المتحدة، وسحب الاعتراف بـ"إسرائيل" وإعلان صريح أن الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وسيناضل بكل الوسائل لنيل حريته وفقًا للشرعية الدولية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير للشعوب.
ويا ليت الرئيس لا يطلب لقاء نتنياهو إنما يركز على الحقوق الفلسطينية وتطلع شعبنا للأمن والسلام على قاعدة حقوقه الثابتة التي لم يتمكن المجتمع الدولي من تأمينها له، والبحث فعليًا عن بدائل أخرى نضالية وقانونية وسياسية توقف الخطر المحدق بشعبنا وتجسد خارطة طريق للوصول إلى التحرير والاستقلال.
إن شعبنا الفلسطيني لن يبقى إلى الأبد ينتظر الأمم المتحدة لتنهي الاحتلال وتعيد له حقوقه وأرضه ومقدساته، فشعبنا سيد نفسه والمعادلة واضحة أن وجود الاحتلال يعني بالضرورة وجود مقاومة قد يختلف شكلها أحيانًا لكنها لا تتوقف، وتتكيف مع الظروف وتنتج في كل مرة شكلًا جديدًا للنضال ألا تذكرون معي انتفاضة الحجارة!
إننا نريد من الأمم المتحدة إعلانين صريحين هما أن "إسرائيل" دولة احتلال للأرض الفلسطينية وتحديد جدول زمني لإنهاء احتلالها، وبالتالي يكون الحديث فقط في التفاصيل حول آليات التنفيذ، وإلا عليهم طرد "إسرائيل" من الأمم المتحدة على الأقل لرفضها تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.
"إسرائيل" الدولة الوحيدة العضو بالأمم المتحدة التي لا يعرف له حدود وتعتبر نفسها فوق القانون، وعلى المجتمع الدولي الخروج من حالة العجز، بل مؤامرة الصمت على قتل وتشريد شعبنا الفلسطيني واتخاذ خطوات عملية لإنهاء الاحتلال.