فلسطين أون لاين

هراوات القمع تواصل منع نقل الصورة

تقرير الصحفي "اشتية" عن اعتداء عناصر السلطة عليه: سُحلت وضُربت 20 دقيقة متواصلة

...
الصحفي جعفر اشتيه ونجله المصور الصحفي زين الدين اشتيه
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تعرض مصور وكالة الصحافة الفرنسية جعفر اشتية لاعتداء "وحشي وغير أخلاقي" من عناصر أمن السلطة في نابلس، في أثناء تغطيته هو ونجله "زين" جنازة تشييع جثمان الشهيدة إيمان عودة (26 عامًا)، التي أعدمها جنود الاحتلال في بلدة "حوارة" أول من أمس.

فقد أقدمت عناصر أجهزة أمن السلطة على سحل المصور الصحفي اشتية ونجله وضربهما ضربًا مبرحًا بمنطقة الرأس، إضافة إلى احتجازهما ساعات عدة، وسط مطالبات حقوقية بتشكيل لجنة تحقيق بحادثة الاعتداء.

بدأ الحدث عندما كان يحاول ابنه زين التقاط خمس صور للشهيدة عودة، في أثناء إخراجها من مستشفى رفيديا في نابلس، فحاول أحد العناصر الأمنية منعه من التصوير بالقوة وبلهجة عامية: "ولا، تصورش"، وعندما استمر اشتية الابن بممارسة عمله محتميًا بقوة القانون: "فش قانون بالدنيا بسمحلك تمنعني من التغطية"، بدأ الاعتداء عليه.

ضرب على الرأس

يروي الصحفي الأب تفاصيل الاعتداء لصحيفة "فلسطين" قائلًا: "بدأ عنصر الأمن بالاعتداء على ابني بطريقة وحشية وبدون سابق إنذار، وعندما حاولت الدفاع عنه ألقوني على الأرض بجانبه، وبدؤوا يضربونني ضربًا مبرحًا".

ووصف طريقة الاعتداء عليهما بأنها "وحشية وغير أخلاقية"، لم يشهدها طوال عمله الصحفي على مدار 27 عامًا، إذ بدأ عنصر الأمن الاعتداء بتوجيه ضربات متتالية على رأس نجله استمرت مدة نحو 20 دقيقة، في أثناء نقلهما من منطقة الأشعة لمقر غرفة الأمن بمستشفى رفيديا، تعرضا خلالها للسحل والضرب والشتم والتهديد.

"المحزن أنه عندما أُلقي ابني على الأرض وبدأ الاعتداء عليه والدعس على رأسه، وفي أثناء محاولتي إنقاذه وحمايته أسقطوني بجانبه وضربوني بشدة، حتى أن زين لم يهن عليه رؤيتهم يضربونني، فقال لهم: تضربوش أبوي اضربوني أنا" أضاف بقهر.

ولفت إلى أنه في أثناء الاعتداء عليهما، حاول أحد الأطباء الزائرين للمشفى الاحتجاج بعدما شاهد الواقعة، فجرى الاعتداء عليه بالطريقة "غير الأخلاقية" ذاتها، ما أدى لإصابته في أذنه ورأسه ثم اعتقاله معهما.

وأضاف بصوتٍ مقهور: "حاولت الصراخ وطلب الحماية، فتجمّع أمن عناصر الشرطة أمام المشفى وبدؤوا بدفعنا، والشرطي المعتدي ذاته بدأ بضرب ابني على رأسه وجميع أنحاء جسده؛ فسبب له ورمًا في الرأس والجمجمة، وفقد وعيه، وارتفعت نسبة السكري لديه إلى نسبة عالية، فنقلوه إلى المستشفى الوطني بنابلس، وكان مقيدًا من يديه وقدميه في أثناء علاجه، وقالوا لنا: أنتم معتقلون".

اقرأ أيضًا: "منتدى الإعلاميّين" يدين اعتداء "السلطة" على الصحفيَّيْن "اشتية"

وتابع: "أدخلوني مركز تحقيق شرطة نابلس ووجّهوا لي أسئلة عديدة، ثم أدخلت للإدارة وبدؤوا بالتخفيف من وتيرة الحدث، وبعد ساعتين من الاحتجاز نُقلنا لمستشفى رفيديا لتلقّي ابني العلاج من أثر الكدمات برقبته وجميع أنحاء جسده".

ويتزامن اعتداء أمن السلطة على الصحفي اشتية الحائز على العديد من الجوائز الدولية ونجله ومنعهم من التغطية، مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق 3 مايو/ أيار، الذي يؤكد على حق الصحفي في ممارسة عمله بحرية، ويذكّر الحكومات بدورها في الالتزام بتعهداتها بتوفير الحماية للصحفيين وعدم التضييق عليهم، في حين تستمر السلطة بخرق تلك القوانين وضربها عرض الحائط.

انتهاكات متصاعدة

من جهته، عدّ الحقوقي ظافر الصعايدة الانتهاكات التي تستهدف الصحفيين جزءًا من استمرار حالة القمع التي تستهدف جميع المدافعين عن حقوق الإنسان، سواء الصحفيين أو الحقوقيين أو النقابيين.

وقال الصعايدة لـ"فلسطين": إنّ حملة أمن السلطة القمعية مستمرة بوضع القيود والعراقيل أمام نشاط المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، معتبرًا ذلك مخالفةً للقانون الأساسي واتفاقيات حقوق الإنسان التي تكفل حرية العمل الصحفي، وأنّ الهدف من ذلك حجب الصورة الحقيقية التي ينقلها الصحفيون من الميدان.

وأوضح أنّ الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون سواء بالاعتداء أو الاستدعاء ومحاولة عرقلة عملهم يدخل في سياسة القمع التي تطال كل شيء يمكن أن يندرج ضمن الحريات المكفولة بالقانون الأساسي، لافتًا إلى تسجيل نحو 4 حالات لاعتداء أمن السلطة على صحفيين منذ بداية العام الجاري، وهذا "مؤشر خطير" على تصاعد الاعتداء على الصحفيين.

ويعتقد أن الهدف من هذه السياسة حجب الصورة الحقيقية عما يحصل بحقّ الحريات والحقوق الأساسية والدستورية التي ينص عليها القانون، مع تصاعد الحالة الوطنية بمدينتي نابلس وجنين، إذ تحاول السلطة منع التظاهرات التي تطالب بالانتصار لقضايا الشهداء والأسرى، والإفراج عن المعتقلين السياسيين.