تعد الانتخابات أحد العمليات الديمقراطية الأساسية، وهي فرصة للشعب للاختيار والمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية، وتشكيل الحكومة التي تمثلهم.
ومع ذلك، فإن تعطيل الانتخابات من السلطة يضر بالديمقراطية وحقوق الشعب، وفي الفترة الأخيرة، تعطلت الانتخابات الفلسطينية التي كان من المقرر إجراؤها في شهر مايو 2021، وذلك بسبب قرار الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس بتأجيلها، وقد أثار هذا القرار جدلاً واسعاً في الأوساط الفلسطينية والدولية.
لاى من جانب السلطة الفلسطينية، ذكر السيد محمود عباس أن السبب وراء تأجيل الانتخابات هو عدم إجرائها في القدس الشرقية، التي تعتبر جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي فإن الانتخابات لن تكون شرعية، وقد أشار عدد من المراقبين إلى أن القرار يأتي في سياق الاستعداد للتعاطي مع حكومة الاحتلال الجديدة التي تشكلت بعد انتخابات الاحتلال في مارس 2021.
ومع ذلك، أعربت العديد من القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية عن رفضها لهذا القرار الذي يعد طعنة في قلب الديمقراطية الفلسطينية، وأن تأجيل الانتخابات يعد انتهاكاً لحقوق الشعب الفلسطيني في التعبير عن رأيه والمشاركة في العملية الديمقراطية، كما أنه يضعف مصداقية السلطة الفلسطينية ويؤثر على شرعيتها في العيون الدولية.
ومن المهم الإشارة إلى أن تأجيل الانتخابات ليس الأمر الأول من نوعه في فلسطين، فتعرضت الانتخابات للتعطيل والتأجيل عدة مرات في السابق، وقد أدى هذا إلى عدم تجديد الشرعية السياسية لمؤسسة الرئاسة وتأخر الإصلاحات السياسية والاقتصادية الضرورية في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تأجيل الانتخابات يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين، خاصة في ظل تصاعد جرائم الاحتلال ضد المسجد الأقصى، وتوسع المشاريع الاستيطانية في أراضينا المحتلة، وكذلك تأثيرها على الاقتصاد المحلي، والتحديات الوطنية التي تواجهها البلاد في ظل التغيرات الإقليمية والدولية.
وعلى الرغم من أن تأجيل الانتخابات قد يكون له بعض الأسباب المبررة، إلا أنه يجب أن يتم بما يحترم حقوق الشعب ويضمن نزاهة العملية الانتخابية، وبالتالي ينبغي على السلطة الفلسطينية أن تحرص على توفير الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات بشكل شفاف ونزيه وفي موعدها المحدد، وأن تضمن حرية التعبير والمشاركة السياسية للشعب الفلسطيني وهو ما يتم تجاهله من السلطة الفلسطينية وفريقها السياسي؛ خدمة لأجندتهم الشخصية، ورغبة في البقاء على كرسي الحكم على الرغم من أن المادة الأولى من القانون الأساسي الفلسطيني الصادر عام 2002 على أن "فلسطين دولة عربية ذات سيادة، وحدودها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية"، وتنص المادة الثانية من القانون الأساسي على أن "الشعب الفلسطيني هو المصدر الأساسي للسلطة، ويمارس السلطة بالانتخاب الحر والديمقراطي".
وبشكل أكثر تفصيلاً، فإن القانون الانتخابي الفلسطيني الصادر في عام 2005 يحدد الإجراءات والشروط اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية في فلسطين، ويتضمن هذا القانون العديد من البنود التي تحدد الإجراءات اللازمة لتحديد موعد الانتخابات وتنظيمها وإعداد اللوائح الانتخابية وتنظيم عمليات الاقتراع وفرز الأصوات وإعلان النتائج.
وينص القانون الانتخابي الفلسطيني على أن الرئيس يتم انتخابه بالاقتراع العام المباشر والسري، ويجب أن يكون مواطناً فلسطينيًّا، وأن يكون عمره لا يقل عن 35 عاماً، وأن يكون قد قضى سنوات محددة في الخدمة العامة، وتحدد مدة رئاسة الرئيس بأربع سنوات، ويمكن للرئيس أن يترشح لفترة رئاسية ثانية.
وينص القانون الانتخابي الفلسطيني أيضاً على أن يتم تحديد موعد الانتخابات الرئاسية بقرار من الرئيس، ويجب أن يحدد الموعد بعد استشارة اللجنة المركزية للانتخابات، ويجب أن يكون الموعد ضمن فترة لا تزيد على 90 يوماً من تاريخ انتهاء الفترة الرئاسية السابقة ، ويحدد القانون الانتخابي الفلسطيني أيضاً الإجراءات اللازمة لتسجيل المرشحين والحملات الانتخابية والتمويل والإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات.
وبشكل عام، فإن القانون الانتخابي الفلسطيني يسعى إلى ضمان عملية انتخابية نزيهة وشفافة، وتحقيق إرادة الشعب الفلسطيني في اختيار رئيس للدولة يمثلهم، ويسعى إلى تحقيق آمالهم وطموحاتهم في الحرية والاستقلال والكرامة الإنسانية.
وإذا أردنا أن نعرف من هو المعطل لمسيرة الديمقراطية و يغتصب السلطة، فهناك العديد من الأخطاء السياسية التي ارتكبها هذا الشخص وفريقه السياسي، ومن بينها الإصرار على المفاوضات مع الاحتلال دون تحقيق أي تقدم في القضايا الرئيسة المطروحة، مثل الحدود الفلسطينية والقدس واللاجئين والمستوطنات الصهيونية، إنهم فريق أوسلو وسلطة محمود عباس.
ومن جانب آخر للأسف تم تحويل السلطة الفلسطينية في الضفة إلى شريك في تطبيق الأمن؛ خدمة للاحتلال في الضفة الغربية من خلال التنسيق الأمني المحرم، ونستثني هنا العمليات الفردية التي ينفذها أبناء الأجهزة الأمنية هناك بقرار فردي، الفشل لفريق السلطة في إجراء الإصلاحات الداخلية اللازمة للحد من الفساد وتعزيز الديمقراطية وحماية حقوق المواطنين الفلسطينيين.
وأخطر ما قامت به السلطة وقيادتها هو الاعتراف بالاحتلال كدولة يهودية، وهو موقف يعتبر مثيراً للجدل، ويثير مخاوف الفلسطينيين من فقدان حقوقهم ومصالحهم، الفشل في تحقيق التقدم في الجهود المسيرة العبثية للمفاوضات مع الاحتلال، ما أثار اتهامات بأنه يتبع سياسة التطبيع مع الاحتلال ويتجاهل حقوق الفلسطينيين.
وإذا أضفنا إلى ذلك كله فشل السلطة في الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية، وعدم القدرة على التصدي لسياسات الاستيطان الاحتلالية، والاستمرار في تقديم الصفقات السياسية التي لا تلبي مطالب الشعب الفلسطيني، وتضعه في موقف ضعيف في المفاوضات مع الاحتلال، وذلك كله مع عدم القدرة على تحسين الوضع الاقتصادي وتوفير فرص العمل للفلسطينيين، أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر والفلتان الأمني في بعض المناطق الفلسطينية، وختامًا فإن السلطة أيضًا تتحمل مسؤولية الفشل في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.