- خريس: ننظر بعين الأمل لبناء مقرها الدائم في القدس المحررة
- أول رئيس تحرير: عملنا أن تكون صحيفة كل فلسطيني
- عوكل: لا يمكن الجدل على أهمية وجود الصحيفة ودورها
- محسن: مثّلت رافدًا للإعلام الفلسطيني وسجّلت حضورًا لافتًا
- الصحفي "القوقا": أصبحنا مع الأيام أسرة واحدة تهمنا آمالنا وآلامنا
حملت همَّ فلسطين الوطن كما حملت اسمها، وامتشقت القلم لتحرس به الحقيقة، وتواجه به آلة التضليل الإسرائيلية، وتكشف زيفها للعالم، انتصرت لدماء الشهداء وعذابات الأسرى والجرحى، فاستمدت حبرها من تلك الدماء وعبقها من تاريخ طويل، فكانت امتدادًا لجريدة فلسطين الأم التي كانت تصدر في مدينة يافا عام 1911، لتخلّد الاسم وتتناقله الأجيال.
قبل ستة عشر عامًا بزغ شمس صحيفة فلسطين، ولا تزال نافذة يومية حرة تطل على الشعب الفلسطيني، تروي صفحتها حكاية شعبٍ يبحث عن الحرية، تنحاز لقضايا المواطنين الحياتية وهمومهم، فكانت مرآة للأحداث تحركها حروفٌ تنسجها الصحيفة على أوراقها فتتحرك أمام عيني القارئ.
تأسست الصحيفة في الثالث من مايو/ أيار (اليوم العالمي لحرية الصحافة)، عام 2007، ليجمع مايو ذكرى التأسيس والقصف معًا عندما استُهدف مقرها في برج الجوهرة بمدينة غزة خلال عدوان الاحتلال في 11 مايو 2021.
لكن "حارسة الحقيقة" خرجت كالعنقاء من بين الركام والدمار وأكملت مسيرتها وواصلت إصدار أعدادها حتى في أثناء العدوان، فكانت مصدرًا للأخبار والقصص الإنسانية التي روتها للعالم عن جرائم الاحتلال.
رسالة متواصلة
المدير العام لصحيفة فلسطين الصحفي رامي خريس يقول: في ذكرى انطلاقة الصحيفة الـ16 نعاهد جمهورنا الكريم على مواصلة رسالتنا الإعلامية، والحفاظ على قيم شعار رفعته بأن تكون "حارسة الحقيقة" فنحن مع الحق أينما كان.
وأكد خريس التزام الصحيفة القضايا الوطنية وتقديم الرواية الفلسطينية في مواجهة رواية الاحتلال، والتلاحم مع جمهور الشعب الفلسطيني وهمومه ومشكلاته ونبضه ووجعه وآهاته، لافتا إلى أنها تتناول جميع القضايا والموضوعات المتعلقة بالشأن الفلسطيني، بما في ذلك القضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال، ومعاناة اللاجئين، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الأراضي الفلسطينية، وغيرها من القضايا المهمة.
وإضافة إلى ذلك، تنشر الصحيفة الأخبار والتقارير المتعلقة بالأحداث العربية والدولية، وتعمل على توثيق جميع الأحداث والأخبار بكل دقة ومصداقية، وفق خريس.
وعدّ الصحيفة واحدة من الصحف الرائدة في فلسطين، إذ تتمتع بشعبية كبيرة بين القراء، إذ تعمل على توجيه الرأي العام ونشر الوعي بقضايا الوطن والإنسان، كما تعد مصدرًا مهمًّا للمعلومات والأخبار، وتساهم في إيصال صوت الشعب الفلسطيني إلى العالم.
ولفت إلى أنه بعد تعرض مقرها للتدمير عام 2021 خرجت الصحيفة من تحت الركام وأنشأت مقرًّا جديدًا مؤقتًا لها، وهي "تنظر بعين الأمل إلى بناء مقر دائم لها في مدينة القدس بعد تحريرها".
ورغم القصف الذي تعرضت له الصحيفة، واصلت مهمتها في إيصال رسالة الحقيقة وتوثيق انتهاكات الاحتلال ونقل معاناة الشعب الفلسطيني، سواء عبر أوراقها المطبوعة أو موقعها الإلكتروني ومنصاتها الرقمية، وفق مديرها العام.
شهداء الصحيفة
وبعد أيام من انطلاقتها أفاقت الصحيفة في 13– 14 مايو وهي تنكس رايات الحزن، تنعى شهيديها الصحفيَّين سليمان العشي ومحمد عبده، وتعلن في خبرها الرئيس الحداد على روحيهما، وأكملت المسيرة مستمدة قوتها من دماء أبنائها الشهداء، ولا تزال صورة الشهيدين ترافق كل أعدادها حتى اليوم.
غسان غزال، أحد الموظفين في قسم توزيع الصحيفة عايش لحظة استشهادهما في بداية أحداث الانقسام المؤسفة، في أثناء مهمة عمل لهما، يقف على أطلال الذاكرة ولا يزال يعيش الألم الذي يجثم على قلبه: "كانا في جولة عمل ميدانية لبناء ونسج علاقات مع الشركات، لكن تفاجأنا باستشهادهما، فكان خبرًا نزل على قلوبنا كالصاعقة".
يستذكر غزال تلك اللحظات: "عمَّ الحزن أرجاء الصحيفة، وعشنا لحظات صعبة ونحن نُشيّع الزميلين، لكنّ الصحيفة سرعان ما واصلت العمل واستمرت المسيرة، بل زاد إصرارنا على إكمال مسيرة الزميلين الشهيدين".
اقرأ أيضًا: "آخر يوم".. ملف تصدره صحيفة فلسطين حول أبرز أحداث 2022
وكان الصحفي مصطفى الصواف أول رئيس تحرير للصحيفة وممن حفر في الصخر لتشييد بنيان كبير مثَّل إضافة نوعية للإعلام الفلسطيني، وضمن مجموعة من المؤسسين بينهم الصحفيون: د. أحمد الساعاتي، ود. حسن أبو حشيش، والصحفي عماد الإفرنجي، وذلك بعد اطّلاعهم على تجارب إعلامية في عدد من الدول المحيطة، ثم الإعلان عن انطلاق الصحيفة.
يستذكر الصواف بدايات التأسيس قائلًا: "كنا نعمل على أن تكون صحيفة لكلّ فلسطيني تعبّر عن الحقيقة وتدافع عنها، ووضعنا الهمّ الفلسطيني عنوانًا كبيرًا عملنا عليه".
لكنّ عقبات واجهت الصواف وفريق الصحيفة منذ البداية، منها أحداث الانقسام الفلسطيني، وتهديد الاحتلال للمطابع ومنع إصدارها بالضفة الغربية وملاحقة مراسليها هناك، ورغم ذلك استمرت في أداء رسالتها.
ويعتقد أنّ الصحيفة شكّلت انطلاقة نوعية وقوية وبثبات، وكانت إضافة نوعية للإعلام الفلسطيني خاصة أنها الوحيدة التي تصدر يوميًّا من قطاع غزة.
الصواريخ والرسالة
مرَّ عامان على قصف مقر الصحيفة ببرج الجوهرة، ولا يزال الصحفي العامل فيها محمد القوقا وزملاؤه يعيشون كأنهم في حلم، "فلم يكن الحزن على استهداف البرج وحجارته وأعمدته العنيدة بقدر ما كان على وأد ذكريات لن تُمحى"، يقول القوقا.
منذ بداية تخرجه الجامعي عمل القوقا في أروقة الصحيفة، فمثّلت الكينونة المهنية له، وبيتًا جامعًا له ولزملائه، بل تعدّى الأمر حدود الزمالة، يقول: "أصبحنا مع الأيام فريقًا عائليًّا واحدًا نجتمع تحت مظلّتها يفتقد أحدنا الآخر إذا طالت مدة غيابه لظروف مختلفة".
فشكَّل مقر الصحيفة -الذي استُهدف- للزميل القوقا في أيام كثيرة وعبر عقد من الزمان بيتًا ثانيًا له، يستحضر اندهاش الزوار من المكان: "كان ينال إعجاب كل ضيف يزوره أول مرة ويتنقّل بين زواياه ويتفقّد سير العمل في أقسامه المتعددة".
ولا ينسى كيف شكّل المقر مقصدًا حيويًّا لطلبة وخريجي الجامعات المحلية للتدرب فيه والاستفادة من خبرات الزملاء الصحفيين العاملين بالصحيفة "لكنّ الأمل بأيام أخرى مشرقة تنتظرنا لا يزال قائمًا، فمقرُّ صحيفة فلسطين هو في الأساس مؤقّت على وعد أكيد بالانتقال إلى المقر الدائم في القدس العريقة المحررة".
تعانق كلمات الانتماء قلبه: "أن تطرق باب بيتك في مرات كثيرة في ساعات ما بعد منتصف الليل بعد نهاية يوم عمل شاقٍّ حافل بالأحداث الميدانية التي تكاد لا تتوقف في الساحة الفلسطينية، هذه دلالة قاطعة على عمق الانتماء والانتساب لمؤسسة إعلامية مثل صحيفة فلسطين".
يُعبّر عن فخره بالعمل في الصحيفة: "شيءٌ ما يُشعرك بالفخر في داخلك لكونك أحد منتسبيها، هي التي تضم بين جنباتها كفاءاتٍ شبابيةً مليئةً بالطاقة والحيوية، مشهودًا لهم بجدّهم وتفانيهم في عملهم ولو على حساب وقتهم وبيوتهم".
إضافة للإعلام الفلسطيني
جاءت انطلاقة صحيفة فلسطين وِفق الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل في وقت كانت تحتاج فيه فلسطين لصحف يومية، وتقديم أخبار ومقالات وتعويض التراجع الثقافي العام، وقد مثّلت إضافة نوعية للإعلام الفلسطيني.
وقال عوكل: لا يمكن الجدل بشأن مدى أهمية هذه الانطلاقة ووجود واستمرار الصحيفة كواحدة من الصحف اليومية القليلة الصادرة، وهي صحيفة موجهة للمجتمع، ولها تأثير على مستوى التنوير والتعبئة والثقافة الوطنية، مهنئًا الصحيفة بمناسبة ذكرى تأسيسها.
من جهته هنّأ المتحدث باسم التيار الإصلاحي لحركة فتح عماد محسن أسرة الصحيفة بمناسبة انطلاقتها السادسة عشرة، وتمنى لها دوام الازدهار والانتشار والتطور الدائم، لتكون رافدًا للمعلومة ذات المصداقية المتأسّسة على المسؤولية الاجتماعية والقيم الوطنية.
وقال محسن، وهو كاتب وإعلامي فلسطيني: إنّ صحيفة فلسطين تميّزت منذ البداية بالتقارير الجادة والتحقيقات المهنية، ومثّلت رافدًا من روافد الإعلام الفلسطيني، وسجلت حضورًا لافتًا وذا مغزى في مسيرة الصحافة الفلسطينية التي ترتكز إلى قيمة الحرية والكرامة وحقوق الإنسان.