فلسطين أون لاين

محمد أبو عياش يتحدى إعاقته بـ"نحت الخشب"

...
محمد أبو عياش يتحدى إعاقته بـ"نحت الخشب"
الخليل/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

لم تقف الإعاقة حائلًا أمام الشاب محمد أبو عياش، ليجد في موهبته الفنية متنفسًا وعائدًا ماليًا يقيه "السؤال" و"الشفقة" من الآخرين، بالرغم من أن تلك اللحظة كلفته الكثير من التعب والجهد، إلا أنه سعيدٌ بأنه خطا أولى خطواته في حياته المهنية.

تعود إصابة محمد (28 عامًا) بالإعاقة للحظة ولادته، إذ عانى عدم القدرة على الاتزان ما يُصعب حركته وتنقله.

غير أن عزيمته المستمدة من والدته "نجلاء أبو عياش" كانت كبيرة وتعالى بها على الإعاقة حتى أكمل دراسته الثانوية، ثمّ أراد أن يشبع رغبته في تعلم حرفة "النجارة"، فكان عليه أن ينطلق يوميًا من بلدة بيت أمر شمال الخليل إلى مدينة بيت لحم في رحلة مدتها أربع سنوات متواصلة.

لم يكن هذا المشوار سهلًا بالنظر إلى وضع "محمد" الصحي، غير أن طموحه وشغفه بتلك الحرفة هوّن عليه تلك المصاعب، بجانب تشجيع أمه المثابرة له، ورغبتها بأنْ يكون له مشروعه الخاص، الذي يقيه ذلّ "سؤال الناس وشفقتهم".

مرّ الوقت واجتاز "محمد" سنوات الدارسة الأربع، ثم لجأ لإنشاء مشروعه الخاص وبإمكانيات بسيطة، فبدأ بصناعة قطع ونثريات خشبية بأشكال متعددة تصلح للزينة ويمكن تقديمها أيضًا كهدايا.

يقول: "خصصت لي والدتي جزءًا من المنزل أقضي فيه وقتًا طويلًا بين أدواتي أنحت وأحفر، وأرسم كل ما يدور بمخيلتي من أشكال خشبية، وتساعدني أمي في تسويقها".

ويطمح محمد للتوسع في مشروعه والحصول على آلات أكثر تمكنه من اختصار الوقت والجهد وإنتاج كميات كبيرة بوقت قصير، "لكن الوضع المادي لا يسمح بذلك حاليًّا".

عمل وفن

ويشير إلى أنه يمتهن الحفر على خشب الزيتون، "الذي أحب العمل فيه كثيرًا، فبجانب كونها مهنةً فهي فنٌ يفرّغ فيه طاقته"، معبرًا عن سعادته لإعجاب المحيطين به بمنتوجاته وإقبالهم على الشراء منها.

ويطمح محمد للانتشار خارج مدينة الخليل ويتمكن من افتتاح متجر خاص به يمكنه من تسويق منتوجاته محليًا وتصديرها للخارج أيضًا.

ويبين أن أجمل أوقاته هي تلك التي يقضيها بين أدواته وأخشابه، يصمم ويحفر وينحت، وينتج مشغولات يدوية تشعره بالفخر بإنجازه.

سر النجاح

ويؤكد أن الإعاقة هي "إعاقة العقل" لا الجسد، وأنها لم ولن تكون حائلًا أمام الإنجاز لأي شخص ذي إعاقة أمام طموحه، بالرغم من صعوبة الواقع المُعاش والتهميش الحقيقي الذي يتعرض له ذوو الإعاقة من ناحية فرص التوظيف في فلسطين.

ويتابع: "ما زال هناك قصورٌ في النظرة لنا من بعض المحيطين بنا، فهم يوجهون لنا نظرات الشفقة، لكنني بوجود أمي التي تفهّمت وضعي وعاملتني كأي إنسان سليم استطعتُ تخطي كل العقبات ووضعت قدمايّ على طريق الاستقلال المادي".

يدين الشاب الحرفي بنجاحه لوالدته نجلاء التي توفي عنها زوجها وهو في عمر السبع سنوات، "ترك لي أربعة أبناء، اثنان منهم مصابان بإعاقات حركية هما محمد وحنين، التي علّمتها أيضًا مهنة التجميل والخياطة".

وتتابع: "لم ولن يكون الطريق سهلًا، فالبحث عن مصدر رزق في ظل أربعة أبناء -اثنان منهما معاقان- كان محفوفًا بالتعب والمشقة، أقمتُ مشروعًا خاصًّا لصناعة جميع المنتجات المصنوعة من العنب "الذي تشتهر بإنتاجه مدينة الخليل"، من المربيات والخل والدبس والملبن والحمد لله فإنني حققت كفاية مالية لعائلتي".

وتشير إلى أن القلق الذي يساورها بخصوص محمد وخشيتها أن يُترك بلا مصدر رزق جعلها تدفعه ناحية المشاريع الصغيرة، لتكون سندًا له في تعلم حرفة "النجارة" التي تتقنها، "أتولى أنا تسويق المنتجات عبر المعارض المحلية التي أشارك فيها وعلى صفحتي عبر "الفيسبوك".