المقاومة ليست مجرد أقوال بل فعل وعمل وتضحية ومواجهة، وليست فقط معركة بين القوة والضعف، إنما هي معركة بين الحق والباطل، وبين الحرية والاستعباد، لا تعني فقط القتال بالسلاح، بل تعني أيضًا القتال بالفكر والثقافة والتماسك الاجتماعي وهو ما أدركته حركة حماس وجناحها العسكري وتنوعت أدواتها ووسائلها وخططها وسبلها، المقاومة في قطاع غزة إحدى القضايا المهمة في العالمين العربي والإسلامي، إذ تمتلك منطقة غزة أبعادًا إستراتيجية وأهمية كبيرة في المنطقة عامة، وذلك بسبب الصراع الدائر فيها منذ عدة عقود مع الكيان الصهيوني، ويعد محور القدس المحور الإسلامي للمقاومة، الذي يتكون من حركة حماس وحزب الله في لبنان، وقوى المقاومة في اليمن وإيران والعراق وسوريا ويعد المحور القوة الرئيسة في مواجهة الاحتلال، وقد أثبت هذا المحور قدرته على مواجهة الاحتلال عدة مرات.
إن المقاومة هي حق مقدس للدفاع ومن يدعي بخلاف ذلك عليه أن يعيد النظر إلى وعيه، فلقد نجحت عمليات المقاومة المتلاحقة في إدخال روح الهزيمة واليأس داخل الكيان، كما تمتلك حركة حماس قوة عسكرية كبيرة وتحظى بدعم شعبي قوي داخل القطاع، جعلها قادرة على مواجهة الاحتلال بكل قوة وصلابة، وقد أثبتت حماس ذلك في مرات عدة، خاصة بعد نجاح الغرفة المشتركة كوحدة عسكرية مقاومة تضم الفصائل الوطنية والإسلامية وتدير الميدان، ونجحت في إحباط العديد من المحاولات الصهيونية للتسلل إلى القطاع وهزيمة وحدة النخبة الصهيونية سييرت متكال على أبواب غزة، وبحسب الخبير الصهيوني في الشؤون الاستخبارية ميخائيل ميلشتين يقول: حماس لا تستغل الفرص فحسب، بل تخلقها، تثبت حماس أنها تعمل على أساس إستراتيجية جيدة ومنتظمة تتطلع إلى المدى الطويل، في حين تنسق تنسيقًا كاملًا بين جميع ميادين العمل وهو ما يتفق مع رؤية معهد دراسات الأمن القومي، الذي يؤكد أن حماس حصدت إنجازات لا يستهان بها في الأسابيع الأخيرة التي شهدت تصعيدًا على عدة جبهات.
التغيّر في الساحة الدولية يخدم صعود محور المقاومة في ظل تراجع سياسة التطبيع في الوطن العربي، وارتفاع أسهم محور المقاومة في ظل المصالحة بين الجمهورية الإسلامية والسعودية وتراجع حضور الولايات المتحدة في الساحة الدولية في ظل استمرار صعود أسهم التحالف الروسي الصيني الإيراني، وأفول نجم أحادي القطب الذي كان يخدم السياسة الصهيوأمريكية في المنطقة، ما يعني انحسار النفوذ الصهيوني وتراجع قوته أمام هذه المتغيرات التي تصب في خدمة القضية الفلسطينية، إذا ما وظفت بالشكل الأمثل فإنها تحقق أهداف المقاومة في مواجهة الإرهاب الصهيوني.
ومن جهة أخرى برز تراجع الروح المعنوية للجنود الصهاينة في الميدان أحدث صدعًا كبيرًا في الجبهة الداخلية في المدن المحتلة وحربًا نفسية مستمرة تخوضها المقاومة الفلسطينية بالتوازي مع حالة من الصراع السياسي الداخلي وتفكك منظومة الدولة وتآكل هيبتها بداية من المسيرات الرافضة للحكومة الصهيونية، هنا يجدر ملاحظة أن قيادات الاحتلال السياسية والعسكرية تدرك حقيقة أن الكيان يواجه عقبات كبرى وخطيرة في مقدمتها ضياع ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة وقيادتها.
وبينما تبرز إرهاصات تحطم هيبة الكيان تستمر الإدارة الصهيونية في السعي إلى مزيد من الإجراءات الفاشية، وسن المزيد من القوانين الإرهابية، وإصدار العديد من القرارات والمشاريع التهويدية، وبناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية، التي تعد انتهاكًا للقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة، ووفقًا لصحيفة "هآرتس" فقد حذرت شعبة البحوث في مديرية المخابرات في جيش الاحتلال في مذكرة أرسلت مؤخرًا إلى كبار ضباط الجيش وصناع القرار الرئيسيين قدمت المذكرة أسبابًا عديدة أدت إلى تآكل قوة الردع الصهيونية ومنها الانقسام الداخلي حول الإصلاح القضائي وجنود الاحتياط الذين رفضوا الذهاب إلى الخدمة، كل هذه الإشارات والتطورات الأخيرة، وتصاعد عمليات المقاومة المستمرة إذا ما تزامنت مع حرب متعددة الجبهات فإن هذه المعطيات يمكن أن تؤدي إلى انهيار الكيان الصهيوني.
ويأتي دور المحور الإسلامي للمقاومة في مواجهة الاحتلال، بتوفير الدعم المالي والعسكري واللوجستي والاستخباراتي لحركة حماس وحزب الله ومكونات محور القدس كافة.
إن مواجهة محور المقاومة يمكن أن تحدث في أي وقت، ولكن من المهم تذكير أن المحور الإسلامي للمقاومة يعمل على الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وتحرير الأراضي المحتلة، ولا يمثل أي تهديد للدول الأخرى، وفي حال وقوع مواجهة مباشرة بين محور المقاومة والاحتلال، فإنه من المحتمل أن تكون العمليات العسكرية على نطاق واسع بحيث يكون انتصار محور المقاومة حقيقة راسخة وخسائر الاحتلال واضحة كالشمس.