أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة إسرائيلية أن 47% من الإسرائيليين الذين غادروا الكيان ليست لديهم الرغبة بالعودة إلى الكيان الإسرائيلي أملًا في تغيير أوضاعهم الاقتصادية للأفضل، و14% من المستطلعة آراؤهم عبروا عن رغبتهم بالعودة للعيش في الكيان لفترات قصيرة.
لا شك أن الإعلام الإسرائيلي لا يجرؤ على إظهار العدد الحقيقي للإسرائيليين الذين غادروا الكيان إلى الأبد، الذين يتجاوز عددهم على أقل التقديرات مليون مغادر بعد عام 2014 ومثله خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، ولا يجرؤ الإعلام الإسرائيلي كذلك على إظهار الأسباب الحقيقية لرحيلهم وفرارهم من أرض العسل وأرض الأجداد كما يدعون، لا يمكن أن يقول 14% منهم إن أسباب المغادرة انحصرت في تحسين الوضع الاقتصادي والانضمام لأحد الأزواج أو للتعليم، مع إغفال ما يقوله الإسرائيليون علانية وهو عدم قدرتهم على التعايش مع الرعب الدائم سواء بسبب صواريخ المقاومة أو العمليات المتصاعدة والخطيرة في الضفة الغربية التي قلبت الحياة في المستوطنات إلى جحيم لا يطاق، كما أن هناك أسبابًا داخلية أفقدت غالبية الإسرائيليين الإحساس بالأمن الشخصي والمجتمعي، فضلا عن كثرة الحديث عن الحرب الشاملة التي قد يتعرض لها الكيان، وكذلك الحديث المتكرر عن اقتراب زواله بسبب الحرب الأهلية، فضلا عن التهديدات الخارجية.
هذه الحقائق تكذب ما تدعيه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي قالت إن الكيان الإسرائيلي يعيش حالة من الازدهار والإبداع والابتكار أدت إلى تفتح الصحراء، وإذا كانت رئيسة المفوضية الأوروبية تكذب أو تتجاهل التاريخ أو أنها أساسا لا علم لها بتاريخ ولا بجغرافيا فهذا ليس ذنب الشعب الفلسطيني الذي يرفض هذا الابتذال والنفاق من أجل تحقيق أغراض شخصية لا أكثر.
تقول تلك المسؤولة إن أوروبا ودولة الاحتلال لديهم قواسم مشتركة وقيم مشتركة وهذا صحيح إذ إن تلك القواسم تتلخص في الوحشية والدموية ضد الإنسانية، وكذلك الرغبة الشرسة في الاستيلاء على مقدرات الشعوب الفقيرة والضعيفة بأي ثمن، ومن أهم القواسم المشتركة هو التآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته والانحياز التام إلى كيان طارئ لا أصل له في فلسطين من البحر إلى النهر، وعلى كل حال فإن كلام رئيسة المفوضية الأوروبية لن يؤثر في التاريخ ولا في الجغرافيا، وعلى أوروبا أن تتهيأ لاستقبال المزيد من العائدين إليها من اليهود بعد فشلهم في الاستقرار في كيان احتلالي متهالك ويعيش آخر مراحله.