ذكرت إحدى القنوات العبرية أن رزمة من المساعدات الاقتصادية ستقدم للفلسطينيين، منها إقامة مجمع صناعي في مناطق مصنفة "ج" حسب اتفاقية أوسلو على مساحة 1200 دونم إضافة إلى إقامة محطة معالجة لمياه الصرف الصحي وتوسيع شبكة الكهرباء في تلك المناطق، وكذلك تقديم تسهيلات في عمل المعابر، وتأتي تلك المساعدات قبيل عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته للحل السلمي.
التسهيلات التي تقدم للشعب الفلسطيني تأتي على أنواع وفقا لأهدافها، فمثلا عندما تشتد المقاومة في الضفة الغربية يعلن المحتل عن تقديم تسهيلات للعمال الفلسطينيين ومنح آلاف التصاريح لهم، قد يقدم العدو مثل تلك التسهيلات ولكنها تكون لمدة محدودة وأقل بكثير مما يعدون به. التسهيلات التي ذكرتها القنوات العبرية وربما هناك وعود بتسهيلات أضخم هي فقط لتهدئة السلطة الفلسطينية قبل اجتماع الهيئة العامة في الأمم المتحدة وكذلك قد تكون من أجل إحياء فكرة خطة السلام الاقتصادي كبديل عن حل الدولتين، تلك الخطة التي يتمسك بها بنيامين نتنياهو، ويبدو أن الرئيس الأمريكي الحالي هو أنسب رئيس قد يتعاطى معها بشكل جديد وخاصة أنه لا يؤمن بحل الدولتين.
مضى على اتفاقية أوسلو قرابة ربع قرن ولم تنجح السلطة الفلسطينية في إقامة اقتصاد فلسطيني حقيقي، فالمليارات التي منحت للشعب الفلسطيني تم صرفها على بناء المقرات والمؤسسات غير الاستثمارية وكذلك على إقامة البنى التحتية غير المكتملة إلى جانب ما تم صرفه على رواتب الموظفين، ومن تلك الوظائف ما هو أساسي ومنها ما هو غير لازم في الوقت الحالي.
السلطة الفلسطينية لم تحقق المطلوب سياسيًا وهذا باعتراف قادتها وما يشهد به الواقع، ولكن ما الذي يمنعها من تحقيق إنجازات اقتصادية حقيقية وتنفيذ مشاريع استثمارية كالمصانع مثلا، قد يقول قائل إن اتفاقية باريس الاقتصادية عقبة كبيرة ولكنني أعتقد أنها ليست العقبة الوحيدة بل إن غياب التخطيط هو بحد ذاته عقبة أكبر وعلى سبيل المثال فإن صناعات خفيفة كانت موجودة سابقة تردت أوضاعها بنسبة تزيد على 70 بالمئة كما هو حال مصانع الأحذية في الخليل، حيث إن الاستيراد الفوضوي أدى إلى إغلاق كثير من مصانع وورش صناعة الأحذية وإلحاق الآلاف إلى صفوف البطالة، وعليه لا بد من العمل على إيجاد اقتصاد فلسطيني والاستعانة بالمجتمع الدولي لإنجاز هذا الهدف حتى تكون "إسرائيل" عاجزة عن الضغط علينا في أبسط حاجاتنا وحتى لا تكبر في أعيننا التسهيلات التافهة التي تعدنا بها.