مبكرًا تحملت الطفلة آلاء أبو طعيمة مسؤولية ثقيلة لأي بالغ وهي تربية شقيقاتها في ظل حرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من عام، ومجاعة متواصلة، بعد استشهاد والدها في قصف إسرائيلي، وعدم وجود والدتها التي انفصلت مبكرًا عن والدها.
وعلى مرّ الشهور، تتمنى آلاء ذات الـ15 عاما وأخواتها أن يكون ما يمروا به مجرد كابوس يستيقظوا منه، ليجدن أنفسهن برفقة والدهن الشهيد في منزلهن بمدينة رفح المحتلة للشهر السابع على التوالي منذ اجتياحها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في مايو الماضي.
تعيش آلاء برفقة شقيقاتها الأربع أسيل (14 عامًا) وتالا (12 عامًا) ورهف (9 أعوام) وديما (7 أعوام)، في خيمة داخل مخيم للأيتام قام أحد المبادرين بإنشائه في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
لم تجد آلاء مكان للإيواء بعد نزوحها مع شقيقاتها من مدينة رفح في مايو الماضي عقب اقتحام جيش الاحتلال لها، بفعل حاجتها إلى خيمة وعدم قدرتها على شرائها أو حتى تشييدها بنفسها كونها طفلة ضعيفة هي وشقيقاتها.
بعد أكثر من ثلاثة شهور من نزوح الأخوات اليتيمات في خان يونس عند أحد أقاربهم وجدن أنفسهن، في خيمة بمخيم للأيتام النازحين، وكان هذا النزوح الثاني للشقيقات الخمس لكنه أشد قسوة وعذابا، بحسب وصف آلاء، وتقول "عندما نزحنا في المرة الأولى من منزلنا في حي السلام (جنوبي شرقي المدينة) كان يرعانا أبي وهو من يتولى المسؤولية عن كل صغيرة وكبيرة، وقد توجهنا لمركز إيواء في مدرسة ومكثنا فيها شهورا".
تقول آلاء لـ"فلسطين أون لاين": "استشهد والدي بقصف للاحتلال الإسرائيلي خلال وجودنا في رفح، ومن بعدها تحملت أنا كل المسؤولية عن شقيقاتي الأربعة، أنا الآن الأم والأب لهن، ولا أعرف شيء في حياتي إلا الحفاظ عليهن، وتوفير طلباتهن".
تضيف آلاء: "أنا من يقوم بإعداد الطعام لشقيقاتي، وتعلمت كيف أعجن وأخبز أمام فرن الطين، وأغسل الملابس، وأطبخ بعض أنواع الطعام، رغم صغر سني وعدم قدرتي على القيام بكل هذه المهام".
من أصبع الأوقات التي تمر على آلاء وشقيقاتها، هو تعرض المنطقة القريبة منهم لقصف إسرائيلي، وحاجتها إلى حضن والدهم أو والدتهم للاختباء والحصول على الطمأنينة والتقليل من التوتر.
تقول آلاء: " حين يقترب القصف ونسمع أصوات الانفجارات، نتجمع نحن الخمسة في زاوية الخيمة، وأضع شقيقاتي في حضني. نكون خائفات ونرتعش من شدة صوت القصف، خاصة الصواريخ التي تسقطها الطائرات الحربية".
تمر هذه الأوقات ثقيلة وطويلة على آلاء وشقيقاتها، خاصة مع عدم وجود أحد من الكبار حولهن، لا يستطعن النوم بسبب حالة الخوف التي تبقى مسيطرة عليهن لساعات طويلة.
وعن نظرة شقيقات آلاء لها، تقول رهف: "هي أمي وأبي وكل عائلتي، وأنا وشقيقاتي نحبها كثيرًا، لأنها هي من تطعمنا، وتغطينا بالليل، وتنظف الخيمة، وتعمل كل شيء".
يشار إلى أن الأطفال الأيتام يشكون نحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ويعيشون تحت قصف مستمر منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويتكدس كثيرون منهم في ملاجئ مؤقتة، وفي مدارس تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بعد نزوحهم من منازلهم، ولا يملكون سوى القليل من الطعام والمياه النظيفة.
وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 44,176 شهيدًا و104,473 إصابة منذ السابع من أكتوبر لعام 2023، وفقاً لتأكيدات وزارة الصحة في قطاع غزة.