كتب كاتب ومفكر فلسطيني مقالًا بعنوان " أزمة الانقسام وعبثية الحلول المستوردة"، ألقى فيه باللائمة كاملة على حركتي حماس وفتح كطرفين فلسطينيين معطلا للمصالحة وبرَّأ ساحة طرف آخر وهم الوسطاء الذين تدخلوا لإصلاح ذات البين بينهما براءة تامة،وهنا أجد أنه لا مفر من تصحيح ما يراد به تضليل الجمهور الفلسطيني ومداهنة بعض الأطراف الخارجية التي لها دور في استمرار الانقسام وعرقلة إتمام المصالحة الداخلية.
يقول الكاتب إن أحد الوسطاء قال إن سبب استمرار الانقسام هو غياب الرافعة الفلسطينية لإنهائه، وعلَّق الكاتب على ذلك بقوله: الرافعة الفلسطينية يمكن توفرها دون أن يكون للاحتلال دور مؤثر بفعل تحكمه بالمكان، وذلك بصدقية كل طرف تجاه الآخر، وهذا ما كان غائبًا بفعل فهم كل طرف لمصلحة أجنداته الخاصة.
بداية نقول إن "بعض" الوسطاء كانوا يحاولون فرض شروط الرباعية الدولية على حركة المقاومة الإسلامية حماس من أجل المضي قدمًا في تنفيذ المصالحة، وأهم تلك الشروط هو الاعتراف بشرعية الاحتلال، وهذا الشرط يعني أن المسألة لا تتعلق بإنهاء الانقسام بل بإنهاء المقاومة وإخضاعها لصالح مشروع أوسلو الفاشل والبائِس، كما أن دولًا عربية كثيرة شاركت في الضغط على غزة وعلى المقاومة فيها من أجل رفع الراية البيضاء والتخلي عن سلاحها وصمودها ووقوفها سدًا منيعًا في وجه الاحتلال الإسرائيلي وأطماعه في فلسطين وفي المناطق العربية كافة، ولذلك نقول إن بعض الوسطاء المتنفذين لم يكونوا جادين في إنهاء الانقسام وإجراء انتخابات عامة من شأنها تمكين فصائل المقاومة من السيطرة على المؤسسات الفلسطينية ومفاصل الحكم في أراضي السلطة الفلسطينية.
إن حديث الكاتب عن عدم وجود صدقية لدى كل طرف وأن كل طرف يسعى لتحقيق أجنداته الخاصة مما أدى إلى استمرار الانقسام هو حديث غير دقيق بل وغير صحيح، حيث إنه تم التوصل إلى اتفاق بين حركتي حماس وفتح على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بالتتابع حسب شروط الرئاسة الفلسطينية والقفز عن كل ما اتفق عليه في القاهرة والذهاب مباشرة الى الانتخابات حسب رغبة الرئاسة ومنظمة التحرير وبعد تنازل حركة حماس من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية إلا أنه ألغيت الانتخابات في اللحظات الأخيرة بذريعة أن (إسرائيل) تعارض إجراء الانتخابات في القدس، وهذا يعني أن قيادة منظمة التحرير هي وحدها من تتحمل مسؤولية استمرار الانقسام وأنه لا يمكن المساواة بين الخصمين دون دليل وبرهان، وأعتقد أن شعبنا لديه الوعي الكافي لعدم تصديق مثل تلك التحليلات التي فيها استرضاء لأطراف خارجية ولمُنظمة التحرير الفلسطينية على حساب المصداقية والموضوعية وتحكيم العقل والضمير.