فلسطين أون لاين

تقرير المقدسي قنبر.. يحل عليه العيد غريبًا دون أجواء

...
القدس المحتلة - غزة/ هدى الدلو:

لعلها المرة الأولى التي لم يكن حسن قنبر وأبناؤه ينتظرون رصد هلال عيد الفطر كما كل عام على أحر من الجمر، ليكن ثبوته بمثابة فتح لجروح لم تندمل بعدما فقدوا مأواهم بزعم أن البناء غير مرخص، ليستقبلوا العيد بعيدًا عن بيتهم الذي أصبح من الذكريات.

المقدسي قنبر (48 عامًا) من حي رأس العامود في بلدة سلوان بمدينة القدس المحتلة، في أواخر شهر يناير من العام الجاري أقدم الاحتلال الإسرائيلي على إمهاله أيامًا معدودة قبل هدم منزله ذاتيًّا بزعم أنه في منطقة خضراء يمنع البناء فيها، في حين قام مستوطنيه بتشييد ثلاثة بيوت، ليعيش أصعب لحظات حياته بعدما استأجر جرافة ليقدم على هدم البيت بدلًا من تكبده ضرائب باهظة.

لحظة الهدم عاش مشاعر مختلطة ما بين قهر وضعف ووجع، وأعين أبنائه ترمقه بأسئلة صغيرة، ولكن يصعب الإجابة عليها.

يقول قنبر لصحيفة "فلسطين": "كنت أعيش وعائلتي المكونة من 11 شخصًا في بيت ضيق المساحة، وقررت توسيع المساحة وتشييد البيت وبناءه، لم تسعني وأبنائي الفرحة بعد الانتهاء منه، ولم نكن نعرف ما الذي ينتظرنا".

ويضيف: "ولكن تلك الفرحة لم تدم طويلًا فقد تحولت سريعًا إلى حزن وبكاء أبنائي على بيت احتض كل ذكرياتهم ومواقفهم، وبقرار الاحتلال بالهدم دفنها تحت الركام، وبقيت الديون المتراكمة فوق ظهري تلاحقني حتى هذا اليوم، حيث أسدد ما تبقى من تكلفة البناء التي بلغت 450 ألف شيقل".   

وبعد صمت لثوانٍ قليلة يتحدث قنبر أن العيد هذا العام ليس له طعم، "سنستقبله في بيت الأجار، سيكون مختلفًا عن كل عام بعيدًا عن الحارة التي ولدت وتربيت وأبنائي فيها، فقد اعتادوا الخروج في صبيحة العيد باكرًا ليشاركوا أبناء عمهم وجيرانهم تكبيرات العيد".

كما يفتقد أجواء العيد في المسجد الأقصى والذي كان يراه وهو جالس في غرفته، والبيت الذي يمكث فيه بعيد عن الأقصى الذي تنطق كل تفاصيله ببهجة العيد وصوت التكبيرات.

سيكون العيد هذا العام غريبًا، وسيفتقد جمعته مع أشقائه في بيت والدهم لتناول وجبة الفطور بعد انقضاء شهر رمضان، ومن ثم الانطلاق سويًّا في زيارات الرحم، متابعًا قنبر حديثه: "لم أستشعر وعائلتي بأجواء شهر رمضان لكي أشعر بالعيد، وكأني أعيش في بلاد الغربة".

وأكثر ما يوجع قلبه أنه لا يستطيع أن يخلق الجو الذي اعتاد عليه أبناؤه، وعلى مضض يمشون أيامهم وكأن الظروف مفروض عليهم.

حتى أن زوجته لم تصنع لهم كعك العيد كما كل عام، وتعتبر أن ما قام به الاحتلال كفيل أن ينغص عليهم حياتهم إلى أن يتمكنوا من العودة إلى مسقط رأسهم، وبات بالنسبة لها ولعائلتها عيد الفطر مناسبة حزينة تمر عليهم هذا العام، ويرسم الحزن على وجوه أطفالها من جديد.

وكان قد سلك قنبر طريق القضاء في محاكم الاحتلال على الرغم من أنه يدرك نهاية الطريق لن تكون في صالحه، ولكن أراد أن يخوض التجربة وفي منتصف الطريق أصدرت المحكمة بحقه قبل عام بهدم البيت، ودفع غرامة مالية تقدر بـ28 ألف شيقل وقسطها يبلغ 750 شيقلًا شهريًّا، ينتهي من سدادها عام 2025، إلى جانب تكاليف الهدم والديون.

ويشير إلى أنه اضطر للخضوع لقرار هدم المنزل كونه لا يستطيع تحمل غرامة مالية أخرى، والذي ينتهجها لتشديد الخناق على المقدسيين، وإحكام السيطرة على المنطقة، خاصة أن موقع بيته كما يصفه "إستراتيجي" كونه مطل على قبة الصخرة بشكل مباشر.

ويلفت قنبر إلى أن هناك ما يقارب 20 بيتًا آخر في الحي الذي كان يسكن فيه معرض للهدم وإحكام السيطرة عليه ومصادرته وتشريد أهله.

ويسعى الاحتلال إلى تهجير المقدسيين بوسائل مختلفة من أبرزها سياسة هدم المنازل والمنشآت، حتى بلغت عمليات الهدم في القدس طوال العام المنصرم 168 عملية، 66 منها تمت على يد أصحابها ذاتيًّا، تجنبًا لدفع غرامات مالية باهظة.